نقدم في هذا العدد مفكرين ، كل له انشغالاته وهواجسه وروؤاه التي تشكل هدته النعرفية في حقول الفكر والتحليل.
مطاع صفدي المفكر ورئيس معهد الانماء العربي في بيروت ومحمد عابد الجابري المفكر المغربي المعروف، في سياق الفتاح " نزوى " على بوابات الافكار المختلفة بمفاهيمها وصراعها والياتها، عددا بعد عدد… التقاهما الناقد ماجد السامرائي هل نستطيع القول اليوم : إننا، نحن العرب ، نمتلك رؤيتنا الواضحة في مجالات الفكر؟
إن صورة الواقع في تفكيرنا وما نقدم من رؤى فكرية وأخرى إبداعية تبدو، في عديد الحالات ، صورة شفافة . فهناك قابلية واسعة للبحث والابداع .. وهناك امتداد واضح لبعض رؤانا – وهو ما يعكسه اليوم عدد من مفكرينا وهم يقودون تقدمنا الثقافي للخروج بالواقع العربي من حالات الظلا مية مقدمين ما يجد فيه إنسان العصر أفكارا حية قابلة للتفاعل مع طفرات الأزمنة الجديدة .
إن مفكرا مثل " مطاع صفدي" ينظر الى الوجود من موقف بداع الوجود، والابداع في الوجود يحمل فيما يكتب ويقول ، ما بمكن اعتباره : تبدلا في رؤية العالم ، واضعا نفسه لا بين التراث .الحداثة ، وإنما بين المعاصرة والحداثة وصولا الى ما يدعوه بـ " الحداثة البعدية " التي يجد أنها يمكن أن تملأ هذا الحقل الفارغ من الواقع ، بالرجوع الى ما هو إبداعي في القيم والمفاهيم ..
وهذا الحوار معه ينطوي على / وينفتح عن مقتربات تمثل
* كاتب عراقي.
تفكيره هذا وترسم مسارات تفكيره فيه :
* أود لو نبدأ بما يمكن أن يعتبر مراجعة للمشروع الفكري الذي بدأت منه ، ومعه ، منذ أواخر الخمسينات ء وأخذ صورته التأسيسية منذ مطلع الستينات في : "الثوري والعربي الثوري" و" مصير الآيديولوجيات الثورية "، ثم في "الحوية والوجود" وما رافقها، أو زامنها من كتابات لك أخذت المنحى ذاته وسارت في هذا الاتجاه .. فاسأل : أي هاجس فكري / فلسفي كان وواء هذا المشروع ؟
* الحقيقة إن السؤال يعيدني الى ما قبل ثلاثين سنة على الأقل .
سأحاول قدر الامكان ، أن استرجع ذاكرة فكرية لابد أن ترتبط بذاكرة وقائعية ، لأن الحدث الفكري كان دائما مصاحبا للحدث الواقعي.
أستطيع القول : إن تفكيري ، منذ البداية ، ولد وهو في حمأة الحدث . فهو فكر يحاول ، قدر الامكان ، أن يسأل ما يجري حوله ، وأن يستطلع آفاق القضايا التي كانت تطرح ، بعنف شديد، على جيل من الشباب حلم بتغيير العالم من خلال تغيير أفكاره .. من خلال ابتكار الأفكار.. من خلال التطلع الى ما يشبه أفقا من الأحلام المغزولة بالمتطلعات الانسانية المشروعة .. لأن الفكر في ـ المرحلة ، كان من لهيب المعركة ، وكان حارا مثل تلك المعركة ، ومتلونا بألوانها، ويتشظى بشظاياها، ويتصاعد بصعودها، ويهبط أيضا عندما تهبط نفحاتها وتطلعا تها الكبرى. فمنذ البداية كان هاجسي الأول أن أجعل الحدث محكا فيه . ولم نكن نتطلع بصورة عامة الى ما يتجاوز البرهة الآنية التي تجعلنا مأزومين بمشكلة أن نحقق ـ كما كنا نقول في ذلك الوقت ـ وجودنا بموازاة وجود الأمة ، وأن نجترع شعارات هي لذاتنا كما هي لذات الأمة . فكان التفكير منجبلا بطينة التكوين . فلا تفكير بدون تكوين .. كان هاجس التكوين هو هاجس الفكر. ومن هنا كإنت لهذا الفكر مزايده ، وكانت له سقطاته ، لأن التكوين لم يكن دائما على مستوى الأمل فيه ـ فكثيرا ما كان هذا التكوين يأتي ناقصا، قابلا للتحريف قابلا للفدر به من قبل تلك الأفكار الأخرى التي كانت تخشي من خروج التكوين عن سلطتها..
وما دمنا نبحث في التكوين ، فإن هناك مسألة كينونة أيضا. فالتكوين هو أن يكون المرء، ليس فقط على مستوى الفكرة ، بل مادة للفكرة ، قادرا علي أن يصبح هو " المفكر به " وهو " ما ليس المفكر به " في آن واحد – بمعنى : أنه دائما يتجاوز معطياته المباشرة ويتشرف الأفاق . لذلك عندما كنت أجرب الكتابة في هذه الموضوعات كانت مسألة التكوين هاجسي ، وكنت أبحث عن " نماذج تكوين " سواء منها النماذج السابقة التي يقدمها لنا تراثنا، أو النماذج التكوينية التي برزت في المشروع الثقافي الغربي.
منذ البداية كنت أحرص على أن أنظر في الخطين المتوازيين : بين تجربتنا والتجربة العالمية . وكان شعوري دائما بأنه لا يمكن لتجربتنا أن تأخذ بعدها المعاصر والمكينوني إن لم تتحاور مع ما هو موجود في هذا العالم .. مع ما يمكن أن يقدمه لنا العالم من مشروعاته الثقافية الكبرى. وبالطبع كان المشروع الثقافي الغربي أعلى هذه المشروعات ، وكنا نحن ، نعيش عي هامشه .. مرة نتصدى له بالسياسة ، وأخرى نتصدى له بالفكر .. وكانت المشكلة هي أن نصل ما بين السياسة والفكر في نوع من صياغة آيديولوجية معينة أطلقنا عليها كثيرا من أفكارنا السابقة التي امتزجت دائما بالعمل السياسي اليومي ضمن الجماهير وضمن النخب المثقفة والنخب البرجوازية وغيرها – التي كانت تبرز على سطح الواقع الاجتماعي آنذاك .
فهاجس التكوين إذن ، لا ـ أن يكون حصريا، بل يجب أن يكون ، منذ البداية ، منفتحا فما أن تطرح مشكلة التكوين حتى ينفتح أمامك الأفق الواسع الذي يتضمنا لفظ " الكينونة" بالذات . فعندما تكون بصدد " مشروع تكوين " لابد أن تكون كينونيا.. لابد أن تتطلع الى مجمل ما تقدما لك تجربة الوجود.
هذا الربط بين الخاص والعام . بين الذاتي والموضوعي.. بين الآني والتاريخي قضية لا فكاك منها.. ونخطيه دائما حين نلحق بطرف دون أخر، ونخطيه أيضا حين نجعل من الطرفين ثنائية متصارعة لابد من إلفاء أحد القطبين ليقوم القطب الآخر – تلك المشكلة التي تورطنا فيها جميعا تحت اسم " الأصالة والمعاصرة " من جهة ، و " الذاتية والاغتراب " من جهة ثانية ، وكل هذه الثنائيات التي شغلت فكر الجيل العربي منذ أواخر الخمسينات وصولا الى السنوات الأخيرة .
* ولكن كما يتبدى لي من متابعتي لما تكتب أنك قد حسمت هذه القضية في الأقل فيما قدمته خلال السنوات الأخيرة – في إطار مشروعك الثقافي – الفكري هذا.
* أنا نفسي يجب أن أعترف بأنني كنت غارقا ومستغرقا في لعبة الثنائيات تلك وكنا مأخوذين جميعا بتلك الشبكة المجردة القاتلة ، وحتى أتخلص منها كان لابد لي من نوع من القطيعة أحدثها مع فكري بالذات لكي أتخلص من وطأة الثنائية دون أن أنظر الى الموضوع نظرة عرضانية ، وليس نظرة تاريخا نية (المقصود بالنظرة التاريخانية ، هنا، هي النظرة الخطية التي لا تستطيع أن ترى الى الأشياء إلا كما كانت متتابعة وهي ما اسميه الآن : المشهدية ). فنحن كنا مأخوذين بفكرة أن شيئا يجب أن يتبع شيئا آخر، وأن يدمره بتجاوزه الى شي ء آخر – وهكذا.
هكذا علمتنا الفكرة التاريخا نية التي جاءتنا من ثقافة غربية من ناحية وأيضا ثقافة عربية إسلامية قديمة ، من ناحية ثانية ، فالتخلص من الثنائية هو التخلص من الفكر الخطي.. من الفكر الذي لا يستطيع أن يقدم فكرة إلا إذا نفي سواها.. إلا إذا نفي ما سبقها، وإلا إذا جعل من ذاته عقبة لما يمكن أن يأتي بعدها. فالثنائية نوع من الفخ الذي يمكن للفكر أن يقع فيا عن طواعية ، دون أن يحس بوطأته إلا في وقت متأخر.
* أجدني أعود ثانية ال بدايات مشروعك الثقافي . الذي تستأنفه اليوم على نحو الآخر، والذي ترافق عندك ، بداية مع التجربة الابداعية في الشعره والقصة القصيرة والرواية ، فهل كنت ، من خلال هذه الأنواع الأدبية ، تعمل على التعبير عن هذا الهاجس ء أم عن هاجس آخر، مصاحب ؟
* كما قلت : عندما يكون المرء منشغلا بمشكلة وجودية أطلقت عليها " التكوين " فانه مضطر الا يحصر نفسا في أداة واحدة من أدوات التعبير. فالتكوين ، بطبيعته شمولي ، وله جانبه الشعري، كما له جانبه الفني الموسيقي وجانبه الأدعبي ، الروائي القصصي وهناك المعاناة الواحدة التي يمكن أن تسربها في نص ينتمي الى هذه الأنواع وما استطعت أن أكتشفا من أن النص يمكن أن يكون بدون أنواع كان بعد تجربة طويلة . فالآن أنا أكتب النص الذي لا يمكن أن تقول عنه إنه نص فلسفي خالص ، ولا هو نص قصصي . إلا أنه نص يمكن أن يستفيد من جميع أدوات التعبير، قدر الامكان .
في الماضي كنا نشعر بهذا الأسر أو الحصار: أما أن تكون شاعرا، أو كاتبا .. أو تكون مفكرا، أو موسيقيا. بينما نجد الآن أن " الحداثة البعدية " نسفت هذه الحصارات التي يفرضها الفكر على نفسه ، وأطلقت مصطلحا جديدا اسمه : " النص " فقط – النص المبدع الذي يجمع لهجة روائية على عمق فكري على نغم موسيقي على مشهدية فنية . وهكذا . فأنا، في الماضي كنت مضطرا لأن أكتب في هذه الأنواع جميعها، أوان أقدم فيها ما أستطيع . أما الآن فأنت تكتب نصا إبداعيا بدون حصار الأنواع التقليدية الكلاسيكية .
* وهل يمثل هذا، بالنسبة لك ء تطورا أم تحولا؟
* أعتقد أنه تحؤل ، لأنه يشكل تجاوزا لسلطة المتعارف عليه ، فعندما نكون خاضعين لسلطة المتعارف عليه نجبر أنفسنا على التكيف مع النماذج المعطاة أو المقد فة ، في حين أنك عندما تقترب أكثر فأكثر من ذاتك ومن هواجسك ومن لهجتك الشخصية والذاتية ، نجد أنك قادر على أن تقدم النموذج الذي هو ليس بالنموذج المتعارف عليه ، ويمكن أن يكون أقرب الى ذاتك والى نفسك من التقسيمات الموضوعية التي عاش عليها نقادنا في أجيال معينة .
* هنا أجدني أسألك : على أي نحو تبدأ اليوم جدلك الفكري والثقافي مع عصرك ؟
* اليوم الأفق العالمي عل وسعه أصبح ضيقا، والمفكر أو المبدع لابد له من أن يوجد زاويته الخاصة من هذه السعة الفنية بالتفاصيل النوعية أكثر من غناها بالتفاصيل الكمية . فالمشهدية العالمية اليوم مشهدية خاصة بكل ما لديها من أشكال الابداع ، لأن الحجر قد ارتفع عنها وأصبحت كلها معروضة في مشهدية واسعة . فأنا متعتي الكبرى في التحاور مع بعض ما ألقاه في شهابها .. مع بعض ما يشعرني بأنني أوجد على مستواها ولو للحظات .. وأنني مضطر لأن أكتشف أن ثمة لفة خاصة هي بنت ساعتها لأتحاور مع هذا المذهب ، أو مع هذا الشاعر، أو مع هذه القطعة الفنية ، أو مع هذه الرواية . لم يأت عصر على تاريخ الفكر والابداع كعصرنا الحاضر من حيث انعدام المسافة مع وجود المسافات . بمعنى : أن "المسافة الجغرافية " لم تعد لها قيمة ، لكن هناك فقط " مسافة التحقيب الثقافي ". أي أنك تقول مثلا: إن بلدا عربيا يمت الى عصر ثقافي متخلف .. في حين أن بلدا آخر ينتمي الى عصر ثقافي متقدم . هذا النوع من التفارق بين الأزمنة الثقافية هو أكبر مشكلة يعانيها المثقف العربي. فهو لا يحس نفسه " موجودا في صحنه " ـ كما يقول الفرنسيون – عندما يتجاور، مع رواية جديدة مثل الرواية التي أصدرها " سوليرز" أخيرا ، واسمها " السر" فهي رواية إذا ما ترجمت الى العربية سيصعب على معظم القواء أن يتفاعلوا معها. في حين أن المثقفين في قطاع واسع من الفوب رحب بهذا العمل واعتبره عملا إبداعيا يعبر عن صميم "الحداثة البعدية " ..
هذا التفارق والتخالف بين الأزمنة الثقافية الذي هو مصدر الكثير من سوء التفاهم في مشكلة الحوار بين الشمال والجنوب ، إذا ما طرحنا الموضوع في مستوى التعاوضات السياسية والثقافية . فالغربي مثلا، يستغرب حين يجد العربي يعيد تفاعله مع نموذج معين من الماني ويعمل كل ما يقدمه له الحاضر. نعم ، يمكن للانسان أن يتفاعل مع نموذج من الماضي شرط الا يكون هذا النموذج احتكاريا – يحتكر ساحة الحاضر. الآن "الحداثة البعدية " تقدم لك كنوز ثقافاتها قديمها وحديثها، دون مزاحمة ، ودون عملية صراع بين النماذج (صراع القاتل والمقتول ). وأنت شخصيا أين تضع نفسك من هذه الاطروحات ؟ وعلى أي نحو تتمثل القضية الفكرية لعصرنا وتقدم قضيتك الفكرية فيه ؟
القضية الفكرية بالنسبة للعصر العربي هي : إن هذا العصر العربي يعيش ، مكانيا، في حاضر العالم . لكنا، زمانيا، متخلف – وهذه من أكبر المشكلات . في حين أن ما اسميه الآن بالحداثة البعدية موطنها الفكري والروحي هو الوطن العربي أكثر من الموطن الغربي لأن طابع الثقافة العربية ، في الأصل ، ليس خطيا. هي، منذ الأصل ، كانت تعددية . ومنذ خرج العرب من جز يرتهم تحت لواء الاسلام كانوا من أكثر شعوب الأرض انفتاحا على مختلف الثقافات ، ليقيموا بينهم وبينها حوارا دون أن يحسوا بتهديد لهويتهم ولا بغزو خارجي. فكانوا يتفاعلون مع ثقافات متعارضة ومتناقضة ، ولكنهم يضعونها في مستوى متكامل كما تضع الحداثة البعدية الآن مختلف المذاهب والنزعات على سطح عرضاني، شرط أن تقدمهم هادئين وغير عنيفين أو حد يين قصوويين ، بهذا المعنى : إن الحضارة العربية ، في أصلها، كانت موطن الحداثة البعدية ، في حين أن الفوب فرض على نفسه حداثة منحرفة ولدت ذاتية مطلقة حاولت أن تعتبر نفسها هي "المركز" وكل الآخرين ليسوا فقط في «المحيط » ولكنهم في " الهامش "، وامتلاكهم من كينونتهم أقل حتى من امتلاكهم من جسدهم المادي الذي يقدمهم كبشر يمكن أن ينظر اليهم على أنهم كائنات إنسانية .
"الحداثة البعدية " ليس لها زمن – وهذه نقطة مهمة جدا – فهي ليست بنت القرن العشرين ، أوهنت نهايته . بل قد تجدها عند شعوب كثيرة . في الهند تجد الحداثة البعدية منذ ألفي سنة ، أو أكثر تجدها عند اليونان في المرحلة ما قبل السقراطية ، بشكل خاص ، عندما كان الفلاسفة اليونان ، والمبدعون اليونانيون يقدمون نماذجهم كما لو أنها مذاهب إطلاقية ، بل هي تمارين على الابداع … تمارين على الحب .. تمارين على الجاذبية الفنية ..
* يقدمون مشروعا على صلة بمستقبل الانسان . . وأيضا يقدمون تنويعا لصور عن مستقبل الانسان ، وان لم يكن واضحا لديهم آنذاك . في حين أن "الحداثة البعدية "عندما تسلمها العرب ، يوم تسلموا قيادة الأفق العالمي ، لم يمحوا معالم مشهدية هذا الأفق بل أحيرها، وقدموا لونهم الشفاف الذي يعطي الشيء المرئي ظلا دون أن يمسحه مسحا من جذوره.
في ضوء هذا الذي تقول يخطر لي أن أسألك : على أي نحو فكرت ، أنت شخصيا بالحداثة بدءا وعلى أي فحر تتمثلها اليوم ؟
كانت «الحداثة في الماضي سلطة علينا كما لو كانت نوعا من التشاكل مع المفروض علينا – أي نوعا من المضاهاة والتشبيه والتشابه والمماثلة مع "الآخر" مع كل ما تخلفه هذه العلاقة من ضغائن ومن شعور بالصفار أمام ما نقلده ، وأمام ما فتمثله . في حين أن الحداثة المصححة الآن هي التي لا تجد في النموذج نوعا من كثافة تكوينية يفتقر اليها من يريد أن يتشبه بها. بالعكس ، هناك نوع من التكوين المنتشر، وليس التكوين المركز في إيقونات جامدة وساكنة في الماضي كنا نعاني، مع الجيل بتمامه مشكلة "أنا" أو "الآخر".. أنا والفوب .. الفوب وأنا بطريقة حذية تنازعية ، وبقضية مفروضة ضمن قالب الثنائيات الفكرية .. الثنائيات السياسية .. الثنائيات العقائدية . في حين أن الحداثة الصحيحة والسليمة هي أن تنظر الى الفوب كما لو كان هو صاحب مشروع بين إيقونات إنسانية أخرى لها مشروعاتها أيضا التي قد تستحق أحيانا، احتراما أكبر من الاحترام الذي كنا نكنه فقط للنموذج الغربي المتعالي ..
لكن مشكلة الغربي هي أنه قبض على أهم اختراع ، هو ملك الانسانية بكاملها : التكنولوجيا، قبض عليه وجعله حكرا له ، وحصرا وحصارا لإرادته ، باستخدامه والاستئثار به دون غيره . ففي حين أن «الحداثة » "البعدية " شمولية وعرضانية ، نجد ه المشروع الغربي» ذاتوي تمركزي تكثفي، يحاول أن يمتلك ما هو ملك الانسانية بعامة ، ويجعله ملكا له وحده .. ويحتكره ويستخدمه ضد بقية أنداده .
* يبدو لي أنك فكرا وتفكيرا، تقيم الصلة بين ما هو فكوي – باعتباره إرادة قوة ـ وما هو استراتيجي ـ باعتباره إرادة وجود ـ وبين الحداثة مفهوما له شموليته » والحداثة موقفا يجب أن يقصين بخصوصيته .
ـ كما قلت في بداية هذا الحديث : نحن في جيلنا كنا، وما نزال مشغولين بمشكلة «التكوين ». وعندما تطرح علينا هذه المشكلة بحرار تها وحيويتها لا نعود نفرق بين ما هو " مفهوم " وما هو "موقف ". الآن يبدو أن المفهوم أصبحت له تأويلات جديدة ، بحيث نجد فيلسوفا كبيرا مثل "دولوز" يعتبر أعلى مراحل الفلسفة إنما يتمثل في «إبداع المفاهيم»، شرط أن يفهم " المفهوم " بطريقة مختلفة – بمعنى : أن المفهوم الآن ينتزع من حيز المنطق الأوسطي البارد ليعود «فيلتحف بقشرة من الوجود ومن المعاناة . فالمفهوم يمكن أن يقدم نفسه على أنه «معنى»، ولكنه ليس معنى نهائيا.. على أنه يمكن شيئا من الحقيقة ، وليس الحقيقة كاملة .. على أنه أقرب الى الرمز منه الى الدلالة المنتهية . المفهوم المنفتح .. المفهوم الذي يمكن أن يحلق فوق موضوعه فيأتيه من هذا التحليق بمغزى جديد يضيفه دائما الى هذا الموضوع – بمعنى : أن المفهوم مشيء حي، ويمت الى ما يسمى بـ « النسق الجيوـ فلسفي» الذي يعلو النسق الجير ـ سياسي، أو النسق الجير – اقتصادي، فالنسق الجيو-فلسفي هو هذا المفهوم الذي ينبسط من أرضية معينة ، ثم يتجؤى، يحلق ويجول ليكتشف البعيد ويحمل معه من هذا البعيد رموزا جديدة يعود بها ليضفيها على أرضية المفهوم الأصلية ، فيجعل المفهوم دائما لا ينحبس ولا يسجن ضمن مصطلح منطقي نهائي. من هنا نجد المفهوم المنفتح ينهي مشكلة العلاقة بين الفكر والموقف ، لأنه ، دائما، يترتب في هذين المستويين بحيث أنك لا تستطيع أن تعين : أين هو الموقف هنا، وأين النظرية المجردة .
النظرية المجردة دائما متورطة في مواقف ، والمواقف دائما تدخل لتعدل في هيئة المفهوم ، وشكله ، ونبرته.
نقول : إن المفهوم ليس " لغة " بقدر ما هو " لهجة " تدخل على أية لفة فتغير من طابعها المباشر لتنفتح على طابع غير مباشر.
فإذا ما سألنا : " ما هو المفهوم ؟" فأنت تتورط لا في المسافة الخارجية عن نشأة المفهوم ، بل تجد نفسك رأسا في صميم المفهوم لأن السؤال عن المفهوم ليس سؤالا خارجيا، بل يجب أن يكون سؤالا متورطا، من الاساس ، في بناء شرنقة من جدار المفهوم حوله . يحاول أن يبني هذه الشرنقة ، ويمزقها، في آن واحد يموضعها ويحررها في آن واحد. يلونها ويمسح ألوانها في آن واحد هذه هي العملية الأصعب فيما يسمى الآن بـ " المعاناة الشفافة " التي لابد من أن تكون معاناة ذات كثافات . لكن هذه الكثافات يجب أن تكون في الوقت ذاته شفافة .
* وبالنسبة لك ، هل هشاك محددات لسؤالك النكري داخل هذا المفهوم / المعنى الذي قدمت ؟
* حتى السؤال الآن أصبح له مفهوم جديد. فليس من الضروري أن ينحت السؤال جوابا محددا. وعلى الصعيد الفكري، السؤال أشبه بأداة تفتح نوافذ يطل منها الفكر على نفسه وهو يبحث عن موضوعاته . فليست الأمور مرتبة دائما – كما قد يخيل الانسان ـ بصورة عفوية . إن هناك فكرا، وإن هناك موضوعا، وإن هناك سؤالا .. وأن هناك جوابا. المسألة الآن تحررت من هذه التحديدات وأصبح انتاج الجواب مضمنا في السؤال نفسه . وصحة السؤال أهم مما يمكن أن يقدم من أجوبة ـ هي أجوبة آنية .. أجوبة ناقصة دائما. والنقص هنا ليس شيئا سلبيا يحط من قيمة الجواب بل أصبح النقص عاملا مؤسسا في طبيعة السؤال عندما يكون مطروحا في مستوى تكويني وعينوني. فأنت لا تستطيع أن تقدم جوابا نهائيا عندما تسأل مثلا : " ما هي الكينونة ؟".. لا تستطيع أن تقدم جوابا نهائيا عندما تسأل : "ما هي الحرية ؟" . فإعطاء الأجوبة النهائية هو الذي اختزل التاريخ لأن هناك دائما من حاول أن يقدم جوابا محددا عن سؤال الحرية ، فإذا هو يقدم لنا أيديولوجيا، ويمنع أي تفكير آخر تجاه هذه الأيديولوجيا. فالأيديولوجيا تؤدي الى الفرض .. الى التحديد.. الى القهر، والى الارتباطات الضيقة ومن هنا دخلت الانسانية وفي حروب الأيديولوجيات المتواصلة . إذن ، فأهم ما يمكن أن تقدمه الآن بعد التجارب والخبرات الطويلة هو: أن السؤال يخلق نوعا من الانزياح في موضوعه بشكل يقدم جانبا مشهديا معينا، غير قابل لاحتكار المشهدية بتمامها. ومن هنا نجد الفلاسفة المقامرين يحذرون من أن يقدموا مذاهب ، بل ويخشون كلمة " مذهب " ونجدهم يهربون من كتابة الفلسفة بالطرق الكلاسيكية المعروفة . نلحظ فيلسوفا مثل " فوكو" ترك التفكير المجرد ونزل مباشرة الى السجون .. الى توثيق السجون ، ليكتشف كيف يعمل مفهوم معين اسمه " المراقبة والمعاقبة "، فقدم لنا كتابا واسعا شاسعا، وجعلنا نتنبه ال جانب من الواقع لم يكن موضوعا لسؤال حتى بالنسبة لعالم الاجتماع . لقد جاء الفيلسوف ، هنا، ليطرح السؤال الكينوني، فأطلعنا على أحد أسرار العلاقة بين المراقبة والمعاقبة نزل الى المستشفيات فأطلعنا على تاريخ الجنون ..
هذه القضايا التي كانت أبعد ما تكون عن التفكير الفلسفي هي اليوم محور التفكير الفلسفي إن فيلسوفا مثل " دريدا " يتناول موضوعا مثل موضوع «العملة » يحاول أن يسأل سؤال العملة : ما علاقة العملة بالموضوعات التقليدية مثل : الفلسفة ، الله ، الروح الكينونة ؟
الفيلسوف الآن بسؤاله يكتشف قطاعات من التكوين والكينونة لم تكن قابلة للظهور لولا أن السؤال أصبح سؤالا من نوع جديد.
*هذا الذي تقول / واليه تدعو .. هل تحمل به / ومن خلاله سؤالا محددا للمفكرالعربي، ولنفسك مفكر؟
* لا شك أن الكتابات التي أكتبها، وتأتي أحيانا غريبة على بعض القواء الذي ينتظر من كتابة فلسفية أن تقدم له موضوعا فلسفيا فإذا هو يقرأ أشياء أخرى لم تخطر له على بال في الموضوع الفلسفي المحدد والمنهجي. هذه الكتابات تحمل سؤالا. إلا أن سؤالي الآن ، فيها، سؤال جوال ، بدوي وحر، وهو الذي يكتشف موضوعاته قبل أن تعتبر موجودة بشكل منفصل عن هذا السؤال بالذات . فالموضوع حتى لو كان موجودا قبل السؤال ، فإن طريقة طرح السؤال وأسلوب التناول يمكن أن يغيرا من هيئة الموضوع بالذات . فعندما أعتبر نفسي ملتزما بأن أعيش
" التكوين "، وعندما أعيش التكوين أستطيع أن أحرر نفسي من جميع التكو ينات التي فقدت حس التكوين – وأعني بها تلك التي مر عليها التكوين وأعطا ها ما تستحق من لحظة حياة ، ثم جعلها تتبدد.
إذن ، لابد من أن نتابع مسائل تتعلق بحيويتنا.. بكينونتنا كبشر. ونحن كنوع من البشر اسمه " العرب " لدينا بحر لا ينتهي من الموضوعات غير المكتشفة طالما أننا نستخدم أسئلة تقليدية . فلابد من أن نجدد السؤال لنكتشف نوعا من كينونة مختلفة . فكلما تجدد السؤال تجددت الكينونة .
* وتجدد السؤال بالنسبة لك ، هل هو رهن بشيء ما، محدد سلفا؟
* تجربتي في الحقيقة دائما منصبة في سؤال : كيف يمكن للفكر أن يبدع المفهوم ؟ إن مشكلتي بسيطة جدا هي، دائما، تقع على عتبة خلق المفاهيم.
أنت تسألني وكأنك تريد، فعلا، أن تطرح السؤال التقليدي. إن اهتمامي ليس منصبا على موضوعات مهندسة ، أو مقولبة اهتماماتي منصبة دائما، في السؤال الذي يكتشف موضوعه . وهنا لا يكون الموضوع سابقا على السؤال . فالمفهوم عندما يبني شرنقته فإنه إنما يبني نفسه أيضا داخل هذه الشرنقة ، ويمزقها ولا يبقى عليها.. ويخرج منها ليبني شرنقة أخرى. والشرنقة يجب أن تبقى كثيفة وشفافة في الوقت ذاته .
هذه الأسئلة التي تسألني أشعر أنني أتناولها معك كما لو أنني أتناولها لأول مرة . في هذا النوع من الاهتمام يجب أن ينصب السؤال على الكيفية وليس على الشيئية بالذات .
* وهل يهمك أن تواكب التطور، حركة وحركية ، من هذا المنظور، أم أنك نسق آخر،من الفكر والنظر؟
* ليس هناك ، طبعا، ما يسمى بـ «التطور العام » على صعيد الفكر.. لأنك غالبا ما تجد نفسك وأنت لم تبارح الحقل الذي كان يشتغل عليه " سقراط " مثلا قبل ألفين وخمسمائة سنة . فكلمة " تطور" أيضا، ذات مفهوم خطي، وهي الآن إيقونة من جملة إيقونات أخرى. فإلى جانب التطور هناك السكون .. هناك الانزياح . هناك الدوران حول الذات . هناك حركة الى اليمين . حركة تراجع .. حركة تقدم . فليس هناك إيقاع واحد للفكر. وتنوع الايقاعات هو ما كان ينقص الفكر القديم . مشكلة الفكر القديم أنه كان يكتشف إيقاعا معينا فيعممه على كل الأوركسترا الفكرية : من مفاهيم ، ومن معان ، ومن دلالات ويحاول أن يجعلها تتبع لحنا معينا ، في حين نحن الآن انتقلنا من فكرة السيمفونية الو احدية الى فكرة النبرات واللهجات : كيف تصؤت كل آلة ، وكيف يصؤت كل صوت في الآلة – بمعنى: هذا الفنى اللامتناهي الذي يجعلنا نواكب الأمور ليس بطريقة هندسية ،وانما بطريقة "التكوين" فالتكوين حركة نحو الأعلى حركة نحو الأسفل . حركة ساكنة ، وساكن متحرك . فالتكوين عالم لا ينتهي من الحركات .. من لهجات الحركات ولكل لهجة نبراتها أيضا..
عندما تشعر بهذا الفنى اللامتناهي فأنت مطالب دائما بأن تبتكر أجهزة مفاهيمية تكون بنت ساعتها .. بنت لحظتها. أن تضرب حديدها وهو حار. وكل معاناة تشع بمفاهيمها الخاصة ..
أنا ذاتي أحس بأنني أتجول ،وبأنني أرتحل دائما بين هذه التفاصيل التي قد يصيبها أحيانا، نوع من التكسر، فتتبلور كما لو كانت هي الكينونة بكاملها، لكنها ليست هي الكينونة بكاملها . فبحسب لحظة التفكير.. لحظة الانفعال . . بدلالة ما، بمفهوم ما، بصورة ما، بحدث ما.. يحدث تكثيف ، ثم ان هذا التكثيف يشف عن نفسه لدرجة التبدد، فيخرج المرء منه الى تكثيف آخر – وهكذا.
* الملاحظ أنك ، من بين عديد مجايليك ، لم تنشغل بقضية التراث على النحو الذي إنشغل به بعضهم ، على الرغم من أن أطروحاتك الفكرية لم تهمل هذا التراث أو تتجاوزه بالقفز عليه ..
أريد أن أعرف ، اولاء شيئا عن موقفك من هذا التراث ، سواء ما كان منه في إطاره العربي- الاسلامي ، وفي إطاره الانساني بعامة ؟ وعلى أي فحر تفكر بهذا التراث في إطار الرؤية التي تلتزمها؟
* المشكلة في هذا الموضوع ، هي أننا عندما نطرح كلمة " تراث " نكون كما لو أننا نباشر العلاقة مع خزائن مفلقة يطوها التراب والغبار.. مع أشياء مر كونة .. أشياء سابقة .. أشياء من عالم اسمه " الماضي ". في حين أن المسألة ليست على هذه الشاكلة ..
عندما نتعامل مع التراث كمحزونات ومحفوظات ومستودعات ، سيكون تعاملك مغبرا من نوع ما تتعامل به .. سيكون ترابياه وسيكون مقضيا عليه بالزوال ، له رائحة الزوال لا يقدم أية حياة ..
هذه المعالجة هي التي غرق فيها كثيرون من أصدقائنا وزملائنا، وحاولوا – وهم مدفوعون دائما بنوديا طيبة – أن يشتغلوا على التراث . فماذا تعني كلمة " أن أشتغل على التراث " ؟ قليلون هم الذين سألوا أنفسهم هذا السؤال ، وحاولوا تبين ما يعنيه . فهناك عمل المحقق العادي الذي يريد أن يقدم لنا نصا محققا مقارنا بعدة نسخ . لكن التعامل مع التراث فكريا.. التعامل مع التراث شعريا.. نقديا ، مسألة أخرى. فإذا لم يكن هذا التعامل مسلحا ببعض ذخيرة من نتاج الفكر المعاصر لن يستطيع أن يكون أكثر من مجرد مرآة لأشياء مرصوصة على الرفوف يصورها كما هي ، وينقلها ميتة وليست حية .
التعامل مع التر اث هو ما أواه فى الاتي:
هناك تراث .. وهناك ميراث . عندما نتعامل مع الميراث كموجودات انتهى عامل إيجادها فأن تتعامل مع موروث ساكن وهاديء. وأما عندما تتعامل مع تراث ابتدأ خلقه ولما ينته بعد، فأنت تتعامل معه كما لو كنت في لحظة الحاضر ، وفي لحظة المعاناة .. وهنا لا يمكن أن نقدم تقنيات
فإذا لم تشعر أنت بأنك أمام حياة حقيقية فلا يمكن أن تقدم ما هو حي. فعندما تقرأ " المتنبي" فأنت لا تردد أفعال التفضيل : "ما أروع هذا الشعر"، "ما أعظم هذه الحكمة "، أو أن تحلله بطرق التحليل البنيوي. لا هذا، في الواقع ، نوع من التعصب ، أو هو نوع من التهليل ، لكن عندما تحاول أن تتعاطف مع الأثر باعتباره منتجا لمنتج – للقوة التي انتجته ، كدلالة على القوة " القووية " الكامنة فيه ، فأنت إنما تعيد اكتشافه ، وتعيد تفاعلك معه .. تجعله داخلا في تناص آخر .. تكتب مقابله ما يوازي نصه .. ما يتجاوزه ، وما يتلاءم معه أيضا. فالمسألة ليست في أن "تشتغل على التراث "، وإنما هي: أن نفهم هذا التراث فهما مختلفا..
* ومن حيث الأسئلة التي تواجه بها كلا من التراث والحاضر : هل هي الأسئلة ذاتها ؟ أم أن هنان أسئلة تواجه بها الحاضر، وأخرى تواجه بها التراث ، أو تطرحها عليه ؟
* المشكلة في الواقع ، هي في نزعة العقل للتصنيف ، فعملية التصنيف كثيرا ما تؤثر على الموضوع المصنف . وتصنيف " هذا تراث " و" هذا ليس بتراث " يجعلك تنحاز سلفا الى نوع من الأدوات تتعامل بها، مهملا أدوات أخرى.لكن لو قدم لك الأثر كأثر دون أن يحمل لاقبة التراث ولا ذهبية الميراث . لو قدم لك وتعاملت معه بحسب ما يفرضه عليك من قوته " القووية " الكامنة فيه ، والي تخاطب أيضا قوتك الذاتية أنت .. عند ذلك يخرج شي ء مختلف ..
مثلا عندما تحدث «هيدجر» عن " هولدرلن " .. فهو لدرن تراث .. لكنك تقرأه الآن من خلال تناص هيدجر عليه فتشعر أن المسألة لا تعود الى التصنيف ، ولا تعود الى أنك تكتب شيئا عن المامي. في حين أن أكثر ما يقدمه العاملون في تراثنا يجب أن يقدم تحت إشارة الماضي – هذا من الماضي، بمعنى أنك قطعت طريق التواصل العميق معه .. عندما كان "هيدجر" يشتغل على عبارات الفلاسفة اليونان من قبل ألفين وخمسمائة سنة ، لم يقدمها على أنها تراث من ائاهي، بل تعامل مع كائنات حية من الفكر.. مع مفاهيم حية ، وجعلها تحيا معه ، وجعل «تنامه » كما لو أنه ليس بعثا لها بقدر ما هو تناظر معها، وإعادة خلق في مستوى السؤال الكينوني الجديد.
ماجد السامرائي (كاتب عراقي)