لم نحتكم لغير هذا الطيش
ذلك أننا كنا نسوي في خفوت الضوء
حكمة الخراب
ونجمع الأرواح فوق حبال الغسيل
مدلهمين ببقايا صراخ
وبجرح عميق في خلايانا
جرح نقاسمه ذاكرة أجدادنا
النازفين عند مخداتنا الباردة
ونتركه في ثقوب النمل
حيث المشيئة العمياء لسلالات ترعبنا..
وحينما نستيقظ جافلين كخيول مجنونة
على دم عالق في الجدران
نذكر أحبابنا الذين نسي موزع البريد
عناوينهم.
ضمن أي انشغال صامت كنت تعبر
تاركا ظلك لخصومات النهار
وقلبك للسعة العقارب
التي تنشج كمجزرة..
جدار ثقيل يسند صور القتلى
أرواحهم تتنزه في أصص الورد
تحدثنا طويلا في مدخل الجرح
وكنا قلقين كنيازك تمر على عجل
تحدثنا عن أحبابنا الذين ماتوا
ولم نرث غير الأنفاس التي تركناها
في الزاوية المهملة
هناك خيث كنا نربي أشرس الخيبات
لم تمهلنا السنوات لنقول خطواتنا المتعثرة
ولعثمات الطفولة
لم يمهلنا الرصيف الطويل
الذي نسينا فيه كثيرا من الأصدقاء
لنحفر فيه أسماءنا الطائشة
ولم تمهلنا النساء الواقفات على مواجعنا
لنجس مكامن الفداحة في أرحامهن
لكننا كنا دوما نتوغل في أضيق
المنعطفات, رافعين شارة اليأس.
عندما الخطوة ضلت
واستراح العميان من صداقة الهجس
كان للذي أراد أرضا قليلة
وعضلات للعمل الأشد ضراوة
وقلبا ليحب امرأة لا تسأله عن أبراجه
كان له أن يبوصل أنقاضه
نحو هاوية أكثر جسارة.
يلتمس في المقعد الخشبي ذاكرة
فيجد العشب
وتجاعيد الخشب الذي يبكي
بنحيب كمان لا يسمعه
إلا البستاني الذي لم يولد بعد.
سيصرخ مع الضوء في الخضرة:
العصفور الأسود خطيئة الشجرة.
أيها الرجل الأخير دائما
الرجل الذي يحمل قبعة مثقوبة
تطير منها عصافير بلا أجنحة
ومشاريع جرائم
سيقترفها عندما تخونه البداهة
وعفوية الأنهار
أيها الرجل
لا تكترث عندما تخسر أقل مما تريد.
يرتق الذاكرة بابرة المستحيل
وحين ينتهي تتفتق كل أحلامه
في ماء الرتابة.
خلف أنقاضه يرمي نرده
كل ألعابه خاسرة
لهذا يختار القفز في الهباء
يشكل ما يشاء
كل طينة قابلة
ولكن حين يحاول أن يبعثر وجهه
تخونه الأشكال.
امرأة الصدفة بيت العنكبوت
ينتظر امرأة في محطة القطار
يذهب القطار
تذهب المحطة
تذهب السكة
وحده يبقى متقمصا ظله
فتح نافذته عليه
واستراح كي يتأمل
روحه حين تطير بعيدا
البياض مرايا لا يرى وجوههم
فيها سوى الشعراء.
الكلام خيانة الشعر
لهذا يقول الجيمع.
أعيش هدوئي
الهاوية التي تقول أكثر من عمقها
سيمر الجميع
قد يرمون حجرا
قد يسقطون
ولكن ستبقى الهاوية بئرا للنسيان
ها نحن نحتفي بالسيدة التي
جبلتنا من خطاياها
وحشرتنا في أضيق المنعطفات
وهبناها ما ملكنا
وما لم نملك
وراهنا حتى بقمصاننا الأخيرة
من أجل عينيها المطفأتين
في اللعبة التي لم نتقنها إلا نادرا
اللعبة التي تضع القلب
على شفرة السكين
والصدفة على حافة الوردة الناقصة.
عندما ألبسك أعرى.
حكيم ميلود شاعر من الجزائر