إن بداية دخول تجربة التمثيل الى سلطنة عمان كانت من المدرسة السعيدية بمسقط كانت تقييم في نهاية العام حفل تكريم للطلبة المتفوقين دراسيا وثقافيا وتحفل هذه المناسبة ببرامج قصيرة كالأناشيد والأغاني الوطنية التي يؤديها طلبة المدرسة كذلك تقدم مسرحيات قصيرة او اسكتشات كأحد برامج الحفل وتكون نصوص هذه المسرحيات مستمدة من المنهج المدرسي وأحيانا بالاتفاق على تقديم عرض مسرحي سريع من خلال فكرة معينة وبموجبها يتم توزيع الأدوار على الطلبة المؤدين للعرض، وكان يحضر حفل التكريم هذا أولياء أمور الطلبة وكبار رجال الدولة بالإضافة إلى مدير المدرسة والمدرسين والعاملين بالمدرسة، وكانت تتميز هذه العروض بالارتجال والعفوية وغالبا ما يكون همها الإضحاك، أما مهمة تدريب الطلبة وإخراج هذه العروض فكان يتولاها مدرسو المدرسة بالتناوب، ومن هذه نلخص الى أن بداية التجارب التمثيلية في السلطنة كانت إنطلاقتها من المدرسة السعيدية.
الأندية وبدايات المسرح:
وفي أوائل السبعينات بدأ دور الأندية ينشط حيث فعله الطلاب الذين كانوا يدرسون في المدرسة السعيدية والطلاب العمانيون الذين درسوا في الإمارات والكويت ومصر وبيروت ومن خلال مشاهدتهم للعروض خارج السلطنة جاءوا لينقلوها ويفيدوا بها وطنهم ومن هذه الأندية النادي الأهلي ومنه بدأ يتطور النشاط المسرحي حيث قدمت من خلال خشبته العديد من المسرحيات سواء المقتبسة من نصوص أجنبية كشكسبير وموليير أو مؤلفة من قبل شباب النادي أنفسهم وكان حب هؤلاء الشباب للمسرح هو الذي يدفعهم للاستمرار رغم امكاناتهم الضعيفة والمتواضعة.
كذلك الى جانب النادي الأهلي كان هناك نادي عمان ونادي النهضة وغيرهما من الأندية التي كان يطلب منها في ذلك الوقت تقديم عرض واحد في السنة.
– مسرح الشباب والفرق والجامعة
وفي عام 1980م تأسست فرقة مسرح الشباب وهي أول فرقة مسرحية شبه متخصصة فيما أنحسر نشاط الأندية في أواخر السبعينات وبدأت تشكل الفرق المسرحية الأهلية الواحدة عقب الأخرى، وفى عام 1990م افتتح قسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس ليصبح لدينا بالسلطنة ثلاثة أنواع من المسارح أولها مسرح الشباب الذي تشرف عليه الآن الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية وثانيها الفرق الأهلية وثالثها المسرح الجامعي الأكاديمي وجماعة المسرح.
1: مسرح الشباب:
لقد بدأ مسرح الشباب بتقديم عروضه المسرحية منذ الوهلة الأولى لتأسيسه في عام 1980م فعلى مدى السنوات العشر الأولى من تأسيسه قدم عشرين مسرحية مي مسرحية "تاجر البندقية" التي ألفها وليم شكسبير وأخرجها المصري مصطفى حشيش وفي عام 1981م تم تقديم مسرحية "عيال النوخذة" التي ألفها للمسرح نعمان عاشور وأخرجها مصطفى حشيش أيضا.
وفي العام الذي يليه تم تقديم مسرحية "الوطن" التي ألفها المصري منصور مكاوي الذي أستقدمه مسرح الشباب ليفعل نشاط مسرح الشباب وأخرجها مصطفى حشيش فيما أشرف على التقديم محمد بن سعيد الشنفري وفى العام نفسه قدمت مسرحية "الطير المهاجر" التي أعدها وأخرجها محمد بن سعيد الشنفري فيما ألفها منصور مكاوي وبهذا تكون مسرحية "الطير المهاجر" أول مسرحية يقدمها مسرح الشباب يقوم بإخراجها مخرج عماني، وفي العام نفسه قدمت مسرحية "الراية" من تأليف منصور مكاوي واخراج مصطفى حشيش وباشراف من محمد الشنفري، كذلك قدمت مسرحية "الطوي" التي ألفها أيضا منصور مكاوي وأخرجها مصطفى حشيش فيما أشرف عليها محمد الشنفري، وفي العام الذي يليه تم تقديم مسرحية "المهر" التي كتبها منصور مكاوي ليخرجها محمد الشنفري لتعد المسرحية الثانية التي يخرجها الشنفري، وفي عام 1986م تم عرض مسرحية "نعم أقوياء" التي ألفها ابراهيم شعراوي وأخرجها محمد بن نور البلوشي لتعد المسرحية الأولى التي يخرجها هذا المخرج العماني ضمن المسرحيات المقدمة على خشبة مسرح الشباب، وفي العام ذاته تم تقديم مسرحية "غريب" لتكون المسرحية الثالثة التي يخرجها محمد الشنفري فيما ألفها منصور مكاوي وأيضا في نفس العام قدمت مسرحية "أريد أن أفهم" للكاتب توفيق الحكيم وأخرجها عبدالكريم بن علي جواد وبهذا تكون المسرحية الأولى التي يخرجها عبدالكريم جواد وأعقبها بإخراجه وتأليفه للعام الذي يليه مسرحية "السفينة مازالت واقفة" لتكون أول عمل مسرحي يؤلف ويخرج من قبل شاب عماني على خشبة مسرح الشباب، وفي عام 1987م قدم محمد بن سعيد الشنفري أيضا من اخراجه وتأليفه مسرحية "الفأر" ليقدم عبدالكريم جواد من تأليفه واخراجه مسرحية "مخبز الأمانة"،
وفي العام الذي يليه قدمت مسرحية "خيوط العنكبوت" التي ألفها صلاح راتب وأخرجها العماني عبدالغفور بن أحمد ليكون هذا العمل الأول الذي يقوم بإخراجه، وفي العام ذاته قدم عبدالكريم جواد من اعداده واخراجه مسرحية "دختر شال سمك" من تأليف الفرنسي الشهير موليير، وفي العام الذي يليه قدم عبدالكريم جواد من تأليفه واخراجه مسرحية "اشاعة فوق تنور ساخن" ليقدم في العام الذي يليه محمد بن نور البلوشي من اعداده واخراجه مسرحية "الجس اللطيف" وقدم أيضا في العام نفسه محمد الشنفري من تأليفه واخراجه مسرحية "مليونير بالوهم"، وأيضا في العام نفسه تم تقديم مسرحية "القاع والقناع" من تأليف عبدالغفار مكاوي واخراج عبدالكريم جواد وأيضا عرضت في نفس العام مسرحية "الفارس" التي ألفها للمسرح منصور مكاوي وأخرجها محمد الشنفري وتوالى تقديم عروض مسرح الشباب الى يومنا هذا حيث قدمت آخر مسرحية حتى الآن وهي بعنوان "رجل بلا مناعة" من اخراج وتأليف عبدالكريم بن علي جواد، غير أن الملاحظ من خلال المسرحيات التي تم ذكرها أن أغلبها تجنح الى النصح المباشر أو الى التصريح الواضح لا التلميح وهذا يعارض مقولة "أن الفن هو اخفاء الفن" فعلى سبيل المثال مسرحية "مليونير بالوهم" تعالج في مضمونها وبصورة جلية أن على الإنسان أن يتعب من أجل الحصول على المال ومحاربة الحصول على المال دون جهد، وأيضا مسرحية "الفأر" يهاجم فيها محمد الشنفري ظاهرة المغالاة في الاعتماد على العمالة الأجنبية ويوصل هذه المعالجة للجمهور بنبرة خطابية مباشرة وهذا يتضح من خلال حوار المسرحية الذي كتب بصورة مباشرة تماما، كذلك في مسرحية "جدتنا العزيزة أهلا" يعالج عبدالكريم جواد فيها موضوع الاعتماد على الخدم ويوضح فكرته بصورة مباشرة.
كذلك أغلب المسرحيات المقدمة من قبل مسرح الشباب تناولت مواضيع مكررة فعلى سبيل المثال موضوع العمالة الوافدة تم تناوله في أخر من مسرحية فعلى سبيل المثال تم التطرق اليه من خلال مسرحية "الفأر" و "جدتنا العزيزة أهلا" و "الفلج" وأيضا اتخذت هذه المسرحيات من المباشرة الصريحة منهاجا لها وهذا بدوره أفقدها العمق الدرامي، كذلك المسرحيات المقدمة لم تخرج عن اطار المسرحيات الإجتماعية، كذلك نلاحظ أن تأليف واخراج تلك المسرحيات وعلى مدار عشر سنوات جاء من قبل شخصيات متكررة وهذا بدوره قلل من التجديد في الشكل الداخلي والخارجي لتلك العروض، كذلك الممثلون هم أنفسهم يتكررون في عدة مسرحيات وحتى طبيعة أدوارهم في أغلب الأحيان لم تتغير، كذلك أغلب الممثلين ان لم يكن كلهم من فئة الهواة المبتدئين.
– «رجل بلا مناعة»
«مسرحية رجل بلا مناعة» كتبها وأخرجها عبدالكريم بن علي جواد وعى من المسرحيات التي قدمت بأسلوب جديد ويطرح جرئ حيث تناولت موضوعا يطرق لأول مرة على خشبة المسرح العماني بصفة عامة الا وهو موضوع مرض نقص المناعة المكتسبة "الأيدز".
تلخصت قصة المسرحية في مسافر عائد يواجه الرفض لحمله فيروس الإيدز القاتل من قبل أسرته الصغيرة والكبيرة، وتظهر العواطف الإنسانية في المسرحية في شخصية الممرضة سمحة التعامل التي تقف مقاومة لأشد وأقوى التيارات بل وأشد الزوابع التي يحركها المرض الذي يحمله ذلك المتعوس بطل المسرحية، وذلك الطبيب الذي أقسم بما يسمى بالقسم الطبي ولكن أنانيته البشرية تطغى وتظهر بدون قناع ولا تستر.
تلخصت الفكرة الأساسية للمسرحية في معالجتها لحالة المصاب بالإيدز وقياس مدى تقبل المجتمع لمصاب بهذا المرض الخطير وكيف يتعامل المجتمع معه، وكيفية الانتقال بهذا المريض من مرحلة اليأس ورؤيته المستمرة لخيال الموت القادم، الى مرحلة التفاؤل الذي يعيد اليه ثقته بنفسه ويحببه في الحياة والاستمرارية في العيش.
كذلك تم طرح العديد من الأسئلة من خلال العرض وهذا بدوره نشط العنصر الدرامي في المسرحية، فمن الأسئلة المطروحة هل تتقبل الزوجة زوجها الحامل لفيروس "الإيدز"؟ وهل يتقبل المجتمع هذا المصاب؟ ومن الذي سيتناسى خطيئات هذا المريض ويشفق عليه؟ وكيف يتعامل المجتمع مع شخص مريض بمثل هذا المرض بل ووفاته متوقعة في أي لحظة؟.
ديكور المسرحية الذي صممته الشابة الأكاديمية نوال السلامى عبارة عن تجربة فريدة من نوعها على خشبة مسرحنا حيث كان الديكور رمزيا جدا جعل المشاهد يدرك مكان المشهد الذي يدور أمامه وفي نفس الوقت صرفه للتركيز على الممثل الذي يؤدي دوره على الخشبة بالإضافة الى أن طبيعة الموضوع المطروح لا تتطلب ذلك التعقيد في الديكور.
"رجل بلا مناعة" أضافت في مكنونها موضوعا يطرح لأول مرة على المسرح المحلي وديكورا تميز برمزية لم يعهدها مسرحنا من قبل ووظف بشكل جيد لخدمة العرض بالإضافة الى أن المؤدين كانوا أغلبهم من فئة الهواة ولكن بخبرة المخرج وحب هؤلاء الشباب للمسرح استطاعوا أن يقدموا أخر من المتوقع، فرجل بلا مناعة نستطيع أن نعدها مسرحية مجددة لا مقلدة بل وتم التخلص فيها من قيود كثيرة أهمها تخلصها من الديكور المعقد الذي تعودنا أن نراه دائما في أغلب المسرحيات العمانية.
2- الفرق المسرحية الأهلية:
لقد تم اشهار الفرق المسرحية الأهلية بالتوالى غير أن بعض الفرق قد اكتفت بإشهارها ولم تقدم أي عمل مسرحي الا أن بعض الفرق تميزت بتقديم عروضها الأول عقب الثاني لتكون لها رصيدا ليس بالقليل من المسرحيات المعروضة، وربما يرجع السبب في ذلك الى عدة أسباب منها عدم دعم الجهات الحكومية لهذه الفرق كذلك عدم وجود مسارح مجهزة لهذه الفرق وعدم وجود موازنات مالية تمول عروض هذه الفرق بالإضافة الى غياب المؤلف الأكاديمي المصقول بالموهبة في أغلب الأحيان وهذا بدوره أنعكس على العروض المقدمة من قبل هذه الفرق حيث ان مواضيعها تدور حول أفكار مكررة حيث تناولت في أغلب الأحيان موضوع زواج كبار السن من فتيات صغيرات وموضوع غلاء المهور وموضوع الباصر الذي يستغل جهل الناس ليحقق هو بذلك مقاصده المادية مثلما شاهدنا في مسرحية "سيف الجن" التي قدمتها فرقة الدن للثقافة والفن والتي أخرجها وكتبها للمسرح محفوظ بن خليفة الهنائي، كذلك تناولت مسرحية "معلم عام 2000" التي قدمتها فرقة النادي الأهلي باخراج من هلال الهلالي وبتأليف من زمزم الراشدي نفس الموضوع.
ومن الصعوبات التي تواجهها هذه الفرق غياب المخرج المؤمل وهذا بدوره أنعكس على العروض المقدمة حيث جاءت في أغلب الأحيان مسرحيات مقدمة بطريقة تقليدية في الإخراج، كذلك يلاحظ عدم تعاون خريجي المسرح في أغلب الأحيان مع هذه الفرق وربما يرجع السبب أيضا لعدم تفرغهم أو ارتباطهم بأعمال لا تمت الى تخصصاتهم بصلة مباشرة أو غير مباشرة.
كذلك الملاحظ أن عدد الفرق في تزايد مستمر حيث وصلت الى أكثر من تسع فرق منها فرقة مزون والصحوة للفنون والمسرح والأهلي للفنون المسرحية ومسقط الحر والدن للثقافة والفن، وفرقة الفن الحديث ومجان وصلالة ونجوم صحار وغيرها من الفرق ورغم هذا العدد الكبير من الفرق المسرحية الا أننا نستطيع القول انها لم تقدم الى الآن ما هو جديد أو يضاف بشكل حقيقي إلى خشبة المسرح العماني وربما يرجع السبب في ذلك الى الأسباب والمعوقات التى ذكرتها.
– مسرحية "الضريبة"
تمحورت قصتها في شخصية الأب الذي عود أسرته على حياة الرفاهية والبذخ الفاحش وأثقل نفسه بالديون التي سرعان ما أثقلت كاهله بعد أن فوجئ بإحالته للتقاعد في حين كان يتوقع ترقيته، وقد شكل هذا الحدث بالنسبة له صدمة توالت بعدها الصدمات واحدة بعد الأخرى فبعد تقاعده يعلم عن سحب زوجته للمبلغ المتبقي له من حسابه في البنك لشراء عقد من الذهب ليكتشف بعد سلسلة من الأحداث أنه مجرد حديد مطلي بلون شبيه.، بالذهب لا قيمة له ثم تأتي صدمة معرفته بخسارته في صفقة الأسهم التي اعتقد أنها بمثابة المنقذ له من ضائقته المالية ولكنه يفاجأ بأن الشركة التي اشترى أسهمها كانت وهمية لا وجود لها، وأتت النهاية بعرض أحد التجار الانتهازيين لرغبته بالزواج من ابنة هذا المفلس.
والملاحظ من خلال عرض هذه المسرحية أن عنصر الكوميديا جاء مقحما على هذه المسرحية حيث جاء بمثابة الفيروس الذي دخل في جزيئات المسرحية فأفسد جدية الفكرة الرئيسية المطروحة حيث اختار فريق المسرحية أسوأ أساليب اثارة الضحك كادخال شخصية رجل يلعب دور امرأة على خشبة المسرح وتمثل هذه الشخصية دورا بطوليا فلو اعتبرنا أن المخرج ربما أو المؤلف أو كليهما أدخل شخصية رجل يلعب دور امرأة بسبب عدم وجود ممثلات على الساحة فالحركة المسرحية العمانية منذ بدأت بشكلها المتواضع لكونها في طور البدايات من خلال مسارح الأندية والمدارس في السبعينات لم تلجأ الى هذا التصرف بحجة عدم اقبال الوجوه النسائية على التمثيل ونستغرب أن نشاهد اليوم رجلا يقوم بدور امرأة على الخشبة بعد أن قطع مسرحنا خطوات لا بأس بها الى حد ما في مجال المسرح، كذلك ادخال المؤلف بقصد اثارة الكوميديا السخرية من الصفات الجسمانية وليس السلوكية وهذا شئ غير محبذ على خشبة المسرح فمن خلال الحوار تمت ملاحظة السخرية التي كان يقصد بها المؤلف اضحاك الجمهور مثل قول أحد الممثلين "يوجد لدينا مخلوقات أرضية" وفي موقع آخر "هذا القوطي يلاحقني حتى في منامي" وحتى ادخال المؤلف أو المخرج أو كليهما لشخصية قزم في المسرحية بهدف الإضحاك هو فعل غير محبذ على الخشبة، فالمسرح مناط به مهمة توصيل رسالة تقويمية، فإذا كان لابد من كوميديا يجب عرضها على خشبتنا فيجب أن تكون راقية ومقومة لا تفعل عكس ما هو جدير بأن يقوم به المسرح من عمل.
3. المسرح الجامعي:
إنشاء قسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس يعد خطوة هامة لإنتاج جيل من الشباب العماني المؤهل أكاديميا خطوة هامة لإنتاج جيل من الشباب العماني المؤهل أكاديميا ليساهم في تنشيط الحركة المسرحية في السلطنة غير أن الملاحظ أن المسرح الجامعي اتخذ من الجامعة مكانا شبه دائم لتقديم عروضه ودون الخروج من الحرم الجامعي في أغلب الأحيان وبذلك يكون قد قدم عروضه منه وله وحتى العروض المقدمة من الملاحظ أنها لا تزيد على المسرحيتين فقط وكل مسرحية من هاتين المسرحيتين لا يتم عرضها أكثر من ثلاث مرات فالعرض الأول يشاهده من تم تقديم دعوة له والثاني للطلبة والثالث للطالبات اضافة الى أن جميع المسرحيات التي قدمها قسم الفنون المسرحية مستقاة من مسرحيات اما لمؤلف أجنبي أو عربي كمسرحية "فرهارد وشيرين" للمؤلف التركي ناظم حكمت أو مسرحية "وتنبت الزهور" مشروع تخرج طلاب الدفعة الثالثة التي ألفها الفريد فرج ومسرحية "جسر أرتا" لـ(البير كامي) و "شمس النهار" مشروع تخرج طلاب الدفعة السادسة لتوفيق الحكيم، غير أن المسرحية اليتيمة التي كتبت بيد أحدى خريجات القسم من شعبة النقد والدراما والتي قدمها قسم الفنون المسرحية كمشروع تخرج هي مسرحية "حكايات من قرية عمانية" التي كتبتها الشابة رحيمة الجابري، على الرغم من وجود عدة مواهب شابة عمانية الا أنه في أغلب الأحيان – ان لم يكن دائما – يتم اللجوء الى نصوص أجنبية أو عربية وغالبا ما كانت تتخذ من الكلاسيكية طابعا لها.
أما بالنسبة للعروض التي تقدمها جماعة المسرح التي تشرف عليها عمادة شؤون الطلاب بالجامعة، فهدفها تشجيع وتطوير قدرات الطلبة المنضويين فيها للممارسة الشعرية والملاحظ أن هذه العروض المقدمة قليلة نسبيا وربما يرجع ذلك الى أن المشتركين في هذه العروض معظمهم من الطلاب حيث ان الدراسة تأخذ معظم أوقاتهم، وبالتالي هم يسرقون الوقت لممارسة هواية التمثيل على خشبة المسرح كذلك نجد أن مخرجي هذه العروض هم من حديثي التخرج في قسم الفنون المسرحية أي أنهم يحتاجون الى كسب الخبرة لتقديم عروض متقنة الأداء، كذلك نجدهم يعانون من صعوبة الحصول على الطلاب الذين يؤدون أدوار هذه المسرحيات بسبب انشغال هؤلاء الطلاب بالدراسة الأكاديمية وعدم تفرغهم وغالبا أيضا ما كانوا يلجأون الى النصوص المسرحية المترجمة أو لمؤلفين عرب ما عدا بعض المسرحيات التي كتبها بعض الطلاب الهواة كمسرحية "دنيا الحداد" التي كتبها الشاب بدر الحمداني، ومسرحية "أرض المسك" التي كتبتها للمسرح الشابة رحيمة الجابري، ولكن لا يمكن انكار أن المسرحيات المقدمة ذات مواضيع ومضامين متنوعة لا تدور حول دائرة واحدة.
"شمس النهار"
مسرحية "شمس النهار" مسرحية كتبها توفيق الحكيم وأخرجها الدكتور عثمان عبدالمعطي عثمان لتكون مشروع تخرج لطلاب الدفعة السادسة من قسم الفنون المسرحية.
قصتها تمحورت حول شخصية الأميرة شمس النهار التي اشترطت لمن يتقدم للزواج منها ولا تقبل به كزوج يجلد ثلاثين جلدة في حين أن التقدم لخطبتها متاح لأي شخص بغض النظر عن مستواه الاجتماعي وفعلا يتقدم للزواج من شمس النهار أحد الأثرياء ويشرح لها مدى ثرائه وأنه سيجعلها تقيم في مدينة الواق الواق فما كان منها الا أن أمرت بجلده لكونها غير مهتمة بالطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها ويتقدم خطيب ثان ويكون مصيره مثل سابقه وبعدما يتقدم شخص يقال له قمر الزمان حيث تعجب به الأميرة رغم أنه كان شخصا فقيرا ولكنه قوي الإرادة وتأمر شمس النهار بالزواج من هذا القمر وفي رحلة طويلة تستفيد شمس من قمر دروسا كثيرة وفجأة يظهر مروان الحالم برؤية الأميرة شمس النهار وعندما يصادف قمر الزمان وشمس النهار وهو يجهل حقيقتهما يحاول أن يعرف منهما وصف الأميرة شمس النهار وتقوده شمس النهار التي كانت تتستر بستار شخصية الجندي لتخفي حقيقتها الى أرض والدها الأمير النعمان وهناك يقابل مروان شمس النهار التي عادت الى شخصيتها الحقيقية لتشرح له سبب تفضيلها لقمر الزمان وتكون هذه النقطة هي نهاية مسرحية "شمس النهار".
ديكور المسرحية لم يكن في صالح العرض فجاء معقدا بالإضافة الى استخدام الكثير من الأدوات الديكورية التي لم تضف الى العرض شيئا وكان مخرج العرض ومصمم الديكور قد تجاهلا قانون الضرورة وفي بعض الأحيان لعب الديكور دورا سلبيا وذلك بإخفائه لبعض الشخصيات مثلما حدث في شخصية حارس الأمير مروان الذي حجب عن الجمهور بسبب قطعة ديكورية وضعت أمامه كذلك من شأن البهرجة في الديكور والتي كان من الممكن الاستغناء عنها لصالح العرض أن تجعل الجمهور ينصرف الى مشاهدة الديكور بدلا من أن يركز على أداء الممثلين وهذا ما حدث فعلا وخصوصا في المشهد الثاني.
كذلك صلاحية النص المختار للقراءة أكثر مما هو لتجسيده على خشبة المسرح، والإضاءة المستخدمة في المسرحية جاءت وكأنها شئ منفصل عن أحداث المسرحية فما بين لحظة وأخرى نجد أن الاضاءة قد تغيرت من اللون الأحمر الى الأزرق ثم الأصفر وهكذا رغم أن الحدث المعروض في ذلك الوقت لا يتطلب هذا التغيير المستمر للاضاءة،وقد اهتم المخرج كثيرا بالديكور والإضاءة وهمش العناصر الأخرى كالأداء والإندماج في تقمص الشخصيات وغيرها من العناصر الأدائية.
«امرؤ القيس في باريس»
امرؤ القيس في باريس التي ألفها عبدالكريم برشيد وأخرجها للمسرح كل من الشابة رحيمة الجابري وسعيد بن محمد السيابي قد أخذت شكلا احتفاليا وهو أحد أشكال المسرح الشعبي الذي يستخرج عادته الأساسية من قصص المأثور الشعبي ويخالف المألوف مثلما حدث في هذه المسرحية حيث تم استدعاء شخوص عربية في مناخ غربي ومتناقض في نفس الوقت.
تمحورت فكرة المسرحية حول شخصية الشاعر امرىء القيس الذي يبتعثه والده الملك الي باريس ليتعلم أصول السياسة والرئاسة هناك وليعود مشبعا بالعلم وكل ما يؤهله ليكون خليفة والده، ولكن امرىء القيس يذهل بمدينة المتناقضات الغربية والعالمية وينغمس في شهوانيته وملذاته ويتناسى غاية وجوده في باريس، وفى خضم انغماسه يتلقى خبر مقتل والده الملك وبالتالي يأخذ امرؤ القيس طريقا غير طريقه السابق وصولا الى أجله المحتوم الذي ينتظره.
تميز ديكور المسرحية المستخدم ببساطة وهذا بدوره أدى الى التركيز على أداء الممثلين حيث ان بساطة الديكور لم تصرف الجمهور عن متابعة أداء الممثلين، حيث كان الديكور عبارة عن رسومات منظورية أشعرت الجمهور والممثلين معا كأنهم بالفعل في البيئة الباريسية، وبالديكور تم التنقل بمخيلة الجمهور من موقع الى آخر فمن البيئة البدوية الى أروقة باريس المتنوعة ثم المطار فمحطة القطار وبقية الأماكن فالألوان المستخدمة في الديكور هادئة وكأنها تمثل هدوء باريس رغم ازدحامها. الخلفية الموسيقية المستخدمة وضعت الجمهور في جو باريسي حيث استخدمت بعض الأغاني الفرنسية في بعض المشاهد وهذا توظيف حسن من الإخراج، كذلك تم استخدام الموسيقى كستارة صوتية بدل الستارة القماشية والإستعانة بالإظلام أيضا.
احتوت المسرحية على بعض الإشارات التي توضح اختلاف العصر وأدواته، كذلك وصلت المسرحية بعض الأهداف الجزئية المراد توصيلها للجمهور كعدم انغماس الفرد في ملذاته وعند الذهاب إلى البيئات الغربية يجب الأخذ بإيجابيات هذا البلد وترك سلبياته.. وغيرها من الأهداف الفرعية.
محمد بن عبدالله القاسمي (كاتب من سلطنة عمان)