انتاج: 1942 – ستوديوهات: وارنر برازرز – مدة العرض: 102 دقيقة.
المخرج: مايكل كورنيتس.
المنتجون: هال ب. واليس / جاك . ل. وارنر
السيناريو: جوليوس جـ: إبشتين/ فيليب ابشتين/ هوارد كوش
مبني على مسرحية “الجميع يذهب إلى ريكس.”
ترجمة: مها لطفي * (الجزء الثاني والأخير)
عندما بدأ الانتاج كان السيناريو نصف مكتمل.، وبالقرب من نهاية الإنتاج كان السيناريو يكتب الليلة السابقة لذلك، وفي الايام الأخيرة لصناعة الفيلم كتب الحوار لبعض المشاهد أثناء التصوير ومن ثم العودة سريعاً نحو العمل. أضيف الحوار في الدقائق الأخيرة للفيلم بعد نهاية الإنتاج.
ولذلك فمن الدقيق القول انه لم يوجد سيناريو كاملاً لإنتاج الفيلم “كازابلانكا”. السيناريو التالي هو تأليف وتركيب من نسخ سابقة من السيناريو الذي صور الفيلم على اساسه، والسيناريو المتمم هو تحليل قريب من الفيلم الجاهز المنتهي.
كان من الضروري تقديم ترجمة لهذا السيناريو الذي لم يكتب دفعة واحدة. فهو تجربة خاصة جداً كان من الجيد ان نقدمها لجمهور السينما في 2018.
بعض المخرجين الحاليين لا يعتمد كتابة سيناريو مسبق مثل عباس كيروستاوي مثلاً ولكن ان تخاض مثل هذه التجربة في عام 1942 فهو شيء جدير بالاهتمام.
إظلام:
إدخال – كرة تدور حول نفسها وعندما تتوقف عن الدوران تتحول بسرعة إلى خريطة تقريبية لأوروبا، ثم إلى خريط مبسطة.
ويغطي هذه الخريطة مشاهد للاجئين يهربون من كل اجزاء أوروبا على أقدامهم، وبالشاحنات، والسيارات والقوارب، وجميعهم يتجهون نحو نقطة واحدة على رأس افريقيا – كازابلانكا.
السهام على الخريطة تمثل الطرق التي يأخذونها فيما نسمع صوت راوي يصف الهجرة.
الراوي (صوت خارجي)
بمجيء الحرب العالمية الثانية
عيون كثيرة في اوروبا السجينة
استدارت متأملة، أو يائسة،
باتجاه حرية الأمريكتين.
وأصبحت لشبونة نقطة نزول السفن العظمى
ولكن لم يكن بمقدور كل واحد ان يصل إلى لشبونة مباشرة، ولذلك، فهنالك ممر لاجئين متعرج دائري ظهر إلى الوجود، من باريس إلى مارسيليا، عبر المتوسط نحو وهران، ثم عن طريق القطار أو السيارة، أو على الأقدام، حول محيط افريقيا نحو كازابلانكا في مراكش الفرنسية.
هنا، المحظوظون، بالمال، أو السلطة، أو الحظ، قد يحصلون على تأشيرة خارجيه ويهرولون نحو لشبونة ومن لشبونة نحو العالم الجديد. ولكن الآخرين ينتظرون في كازابلانكا… وينتظرون … وينتظرون… وينتظرون.
صوت الراوي يخفت تدريجيا.
* * *
يبتسم، مغادراً. يأتي لاسلو إلى ريك.
لاسلو: السيد بلاين، أتتساءل إذا ما كنت استطيع مخاطبتك؟
ريك: تفضل.
لاسلو: حسناً، أليس هنالك مكان آخر؟ إن الموضوع سري الذي سأكلمك به
ريك: مكتبي.
لاسلو: صحيح.
داخلي. قهوة ريك – مكتب – ليلاً
يجلس ريك ولاسلو ويناقشان صراع الذي يعانيه لاسلو.
لاسلو: يجب أن تعرف انه من الضروري خروجي من كازابلانكا. إنها فرصتي لأصبح أحد قادة حركة هائلة. انت تعرف ما الذي كنت أقوم به. تعلم ماذا يعني هذا للعمل، وللحياة الآلاف والآلاف من الناس ان أصبح حراً وأصل إلى امريكا وأتابع عملي.
ريك: انا غير مهتم بالسياسة. مشاكل العالم ليست من اختصاصي. انا مدير صالة.
لاسلو: اصدقائي في الحركة السرية يقولون لي أنه لديك سجل حافل. هربت بنادق للحبشة. حاربت ضد الفاشيين في اسبانيا.
ريك: ماذا يعني ذلك؟
لاسلو: أليس غريباً انك دائماً تحارب إلى جانب المستضعفين؟
ريك: نعم، وجدت تلك هواية مكلفة جداً. ولكن في ذلك الوقت لم أكن بتاتاً رجل أعمال.
ينهض ريك، كما يفعل لاسلو.
لاسلو: هل انت رجل اعمال لكي تقدر عرضاً بمائة ألف فرنك؟
ريك: انا أقدره ولكنني لا أقبل به.
لاسلو: سأرفعه إلى مائتي ألف.
ريك: يا صديقي بإمكانك أن تجعله مليون فرنك او ثلاثة، وإجابتي ستبقى هي هي.
لاسلو: ربما هنالك سبب لعدم رغبتك في حصولي عليهم.
ريك: هنالك سبب. أقترح أن تسأل زوجتك.
لاسلو: عفوا ماذا تقول؟
ريك: قلت، اسأل زوجتك.
لاسلو: زوجتي؟
ينظر لاسلو إليه، مندهشاً.
ريك: نعم.
ريك ولاسلو يسمعان أصوات رجال يغنون في اسفل السلم.
قطع إلى:
داخلي. قهوة ريك- الغرفة الرئيسية – ليلاً
يمر لاسلو من امام المائدة التي تجلس عليها الزا ويذهب مباشرة نحو الأوركسترا.
تحدق ايفون التي تجلس على مائدة مع ضابطها الألماني إلى الأسفل حيث شرابها.
يتكلم لاسلو مع الأوركسترا.
لاسلو: اعزف المارسييز ! اعزفها!
يحدق افراد الأوركسترا نحو السلالم، نحو ريك، الذي يهز رأسه موافقاً.
يغني لاسلو وكورينا عندما يبدأ العزف. يقود ستراسر الألمان يغنون في محاولة لإغراق المنافسة.
يبدأ جمهور القهوة بغناء “المارسينيز”.
بعد برهة من الزمن، يستسلم ستراسر وضباطه ويجلسون. تستمر “المارسينييز” على أي حال.
تقفز ايفون وتغني والدموع في عينيها.
تنظر الزا وقد غلبتها العواطف باعتزاز إلى لاسلو، الذي يقف بعاطفة جياشة.
أخيراً تقف القهوة كلها، مغنية والوجوه تلمع.
تنتهي الاغنية بنغمة عالية منتصرة.
وجه ايفون منتشٍ. تقف مواجهة مكان تجمع الألمان.
تصرخ بأعلى صوتها.
ايفون: تحيا فرنسا! تحيا الديمقراطية!
يصفق الجمهور ويحيي.
يغضب ستراسر غضباً شديدًا. يخطو بسرعة عبر الغرفة باتجاه رينولت الذي يقف عند البار.
ستراسر: ارأيت ما أعني؟ اذا كان وجود لاسلو في قهوة يمكن أن يلهم هذه المظاهرة التعيسة، ما الذي يمكن أن يجلبه وجوده في كازابلانكا؟ اقترح أن يغلق هذا المكان فوراً.
رينولت: (ببراءة)
ولكن الجميع يقضون وقتاً طيباً.
ستراسر: نعم وقتاً طيباً زيادة عن اللزوم. هذا المكان يجب أن يغلق.
رينولت: ليس لدي سبب لإغلاقه.
ستراسر: (يعض بعصبيه) حاول أن تجد واحداً.
مجموعة من الضباط الفرنسيين يحيطون بلاسلو، يقدمون له شراباً.
يفكر رينولت برهة، ثم يصفر بصفارته بصوت حاد. تهدأ الغرفة وتستدير الأعين نحو رينولت.
رينولت: (بصوت عال)
على الجميع مغادرة هذا المكان فوراً!
هذه القهوة مغلقة لإشعار آخر.
اخلو الغرفة فوراً.
تمتمات غاضبة تبدأ بين الجموع. ينهض الناس ويبدأون بالمغادرة
يأتي ريك بسرعة نحو رينولت.
ريك: كيف يمكنك اقفالي؟ على أي أساس؟
رينولت: انا مندهش ان القمار مستمر هنا!
هذا الإظهار للعصبية يجعل ريك خاسراً. يخرج رئيس غرفة القمار من الغرفة ويصعد نحو رينولت. يسلمه كومة من الأوراق النقدية.
رئيس الغرفة: ما كسبته، يا سيدي.
رينولت: اوه، شكراً جزيلاً.
يستدير نحو الجماهير مرة ثانية.
رينولت: الجميع إلى الخارج فوراً!
وبينما تخلو القهوة، يتقدم ستراسر من الزا. طريقته قاطعة إلا انها مهذبة.
ستراسر: آنستي، بعد هذا الاضطراب فليس آمنا للاسلو أن يبقى في كازابلانكا.
الزا: هذا الصباح قلت انه لم يكن آمنا له ان يغادر كازابلانكا.
ستراسر: هذا ايضاً صحيح، ما عدا إذا ذهب إلى مكان واحد، أن يعود إلى فرنسا المحتلة.
الزا: فرنسا المحتلة؟
ستراسر: اوه، هه، تحت قيادة آمنه من قبلي.
الزا: (بشدّه) ما قيمة ذلك؟ يجب أن تتذكر ما قيمة الضمانات الألمانية التي اعطيت في الماضي.
ستراسر: هنالك احتمالان فقط له.
الزا: ما هما؟
ستراسر: من المحتمل أن السلطات الفرنسية ستجد سببا لتضعه في معسكر اعتقال هنا.
الزا: والاحتمال الثاني؟
ستراسر: يا آنستي العزيزة، ربما تكوني قد لاحظت ان في كازابلانكا الحياة الانسانية رخيصة، مساء الخير، يا آنسة.
تنظر إليه وقد فهمت ما يعني.
ينحني ويخرج بينما يقترب لاسلو من المائدة.
يبدآن في الخروج من القهوة.
الزا: ما الذي حصل مع ريك؟
لاسلو: سنناقش الموضوع فيما بعد.
داخلي. فندق هولواي – ليلاً
تسير الزا ولاسلو إلى غرفتهما.
داخلي. غرفة الفندق – ليلاً
يدير لاسلو مفتاح الضوء وهما يدخلان. وبينما تخلع الزا بعض المجوهرات يسير هو باتجاه النافذة. ويحدق في الخارج نحو الظلام في الاسفل وفي الشارع المقابل يقف رجل تحت القوس. يراقبه لاسلو ثم يغلق الستارة.
لاسلو: صديقنا المخلص ما زال هناك.
الزا: فيكتور، من فضلك، لا تذهب إلى الاجتماع السري الليلة.
لاسلو: (بثبات) يجب ان أفعل. بالإضافة إلى ذلك. ليس دائماً للرجل فرصة ليظهر بطولته امام زوجته.
يستدير نحو مائدة، يأخذ من عليها سيجارة من علبة ويضيء عوداً من الكبريت.
الزا: لا تمزج. بعد تهديد الماجور ستراسر الليلة، انا خائفة.
لاسلو: اقول لك الحقيقة، انا خائف ايضاً. هل أبقى هنا في غرفة الفندق مختبئاً، او أن اتابع بأحسن ما استطيع؟
يشعل السيجارة.
الزا: مهما قلت، فسوف تتابع. فكتور، لماذا لا تخبرني عن ريك؟ ماذا وجدت؟
لاسلو: من الواضح أن الرسائل لديه.
الزا: نعم؟
لاسلو: ولكنه لا ينوي بيعها. الانسان يظن إذا لم تقنعه العواطف فقد يفعل المال ذلك.
من الواضح الآن ان الزا غير مرتاحة.
الزا: هل أعطاك أي تبرير؟
لاسلو: اقترح أن اسألك.
الزا: تسألني؟
لاسلو: نعم. قال، “اسأل زوجتك” لا أدري لما قال هذا.
يطفئ لاسلو النور. تسير الزا نحو الكنبة وتجلس.
لاسلو: حسناً، سيعتقد صديقنا في الخارج اننا استرحنا الآن.
سأذهب خلال بضع دقائق.
يجلس على الكنبة بقربها. يسقط بينهما الصمت. ويصبح ضاغطاً. اخيراً …
لاسلو: الزا، انا ….
الزا: … نعم؟
لاسلو: عندما كنت في معسكر الاعتقال، هل كنت تشعرين بالوحدة في باريس؟
ما زالت الزا لا تستطيع النظر إليه.
الزا: نعم، فكتور، كنت كذلك.
لاسلو: (متعاطفاً)
اعرف ماذا يعني ان تكوني وحيدة.
(بهدوء شديد)
هل هنالك شيء تريدين البوح به لي؟
الزا (تتكلم بصوت منخفض)
كلا يا فكتورن ليس هنالك شيئ.
لاسلو: احبك كثيراً، يا عزيزتي.
اخيراً تستدير الزا لتنظر إلى لاسلو.
الزا: نعم، نعم اعرف. فكتور مهما فعلت، هل ستقتنع انني، انني…
لاسلو: … لست مضطرة لأن تقولينها.
سوف اقتنع، ليلة هنيئة، يا عزيزتي.
ينحني ويقبل وجنتها.
الزا: ليل سعيد.
تراقبه وهو يغادر.
الزا: فيكتور!
تنهض وتتبعه نحو الباب. يفتحه. من شق الضوء الآتي من القاعة نرى وجه الزا، الآن مشدوداً ومضطرباً. تتردد لبرهة من الزمن، ثم ….
الزا: انتبه.
لاسلو: حتماً، سوف انتبه.
يقبلها على وجنتها ويغادر خارج الباب. تقف هنا لبضع ثوانٍ، ثم تقطع لتنظر خارج الشباك.
الشكل الواقف عند القوس اختفى. ترى فيكتور يسير على الشارع ثم تغلق الشيش مرة ثانية. تحضر الزا عباءة من غرفة النوم، وتغادر الفندق.
قطع إلى:
داخلي- قهوة ريك – الغرفة الرئيسية – ليلاً.
يجلس ريك وكارل عند البار يراجعان الدفاتر. كارل منهمك في تخميناته. ينظر نحو ريك.
كارل: حسناً، انت في وضع جيد يا سيد ريك.
ريك: كم أستطيع أن أتحمل البقاء مغلقاً؟
كارل: اوه، اسبوعان، وربما ثلاثة.
ريك: ربما قد لا يكون ضرورياً. رشوة معينة حققت ما أريد في الماضي. في هذا الوقت الجميع يكتفي براتبه.
كارل: اوه، شكراً لك سيد ريك. سيسعد ساشا عندما يسمع هذا، انك مدين له بالمال.
يضحك كارل
ريك: الآن ستنتهي من إقفال المكان، هل تفعل ذلك؟
كارل: سأفعل. ثم سأذهب إلى اجتماع الـ …
ريك: (مقاطعاً) … لا تقول لي إلى أين انت ذاهب.
كارل: لن افعل.
ريك: مساء سعيد.
كارل: مساء سعيد، سيد ريك.
يسير ريك فوق السلالم نحو شقته.
داخلي. قهوة ريك – الشقة – ليلاً
يفتح ريك الباب ويدخل إلى الغرفة المظلمة. الضوء المنبعث من القاعة يظهر شكلاً بالقرب من النافذة. يضيئ لمبة صغيره الزا تواجهه، وجهها ابيض ولكن مصمم. يتوقف ريك برهة مندهشاً.
ريك: كيف دخلت؟
الزا: السلم من الشارع.
تقترب الزا منه لتقابله.
ريك: قلت لك هذا الصباح انك ستأتين، ولكن حدث هذا قبل موعده. حسناً، ألا تجلسين؟
الزا: ريتشارد، كان لابد من أن أراك.
ريك: انت تستخدمين “ريتشارد” ثانية؟ عدنا إلى باريس.
الزا: من فضلك.
ريك: زيارتك غير المتوقعة لا ترتبط بأي شكل من الأشكال برسائل التأشيرات؟ يبدو انني طالما انا أملك هذه الرسائل فلن أكون وحيداً.
الزا: تستطيع أن تطلب السعر الذي تريده ولكن يجب أن تعطيني هذه الرسائل.
ريك: مررت عبر هذا كله مع زوجك. انها ليست صفقة.
الزا: اعرف ماهية شعورك نحوي، ولكنني أطلب منك أن تضع مشاعرك جانباً لشيء أكثر اهمية.
ريك: هل علي أن أسمع مرة ثانية كم هو رجل عظيم زوجك؟
وكم هو شيء مهم ما يقاتل من أجله؟
الزا: كان قضيتك، ايضاً. بطريقتك كنت تناضل من اجل نفس الشيء.
ريك: لم أعد أقاتل من أجل أي شيء بعد الآن، سوى لنفسي. انا هو القضية الوحيدة التي تهمني.
يسير نحو الشباك وتتبعه الزا.
الزا: ريتشارد، ريتشارد لقد أحببنا بعضنا يوما ما. اذا ما كانت تلك الأيام قد عنت اي شيء لك…
ريك: (مقاطعاً، بقسوة)،
لم أكن لأذكر باريس لو كنت مكانك. انها فن بيع رخيص.
الزا: من فضلك. ارجوك اسمعني. لو كنت تعرف ما الذي حدث، لو كنت تعرف الحقيقة..
ريك: (مقاطعاً).
… لا أصدقك مهما قلت لي تقولين اي شيء الآن لتحصلين على ما تريدين.
يسير ريك نحو مائدة يفتح علبة سجائر يجدها فارغة.
الزا: تريد أن تشعر بحسرة على نفسك، أليس كذلك؟
بوجود كل هذه الأمور في حالة خطرة، كل ما تفكر به مشاعرك. امرأة جرحتك، فتنتقم من العالم برمته. انت، انت جبان وضعيف.
هنالك دموع في عينيها.
الزا: كلا. اوه، يا ريتشارد، انا آسفة، انا آسفة، ولكن، هل تعلم، انت املنا الأخير. إذا لم تساعدنا فيكتور لاسلو سيموت في كازابلانكا.
ريك: والآن اذا ما انت …..
يتوقف مباشرة عندما يرى الزا تحمل مسدساً صغيرا في يدها. موجه مباشرة نحوه.
الزا…. حسناً. حاولت المناقشة معك. حاولت كل شيء. والآن أريد هذه الرسائل. احضرهم لي.
ريك: لست مضطراً لذلك. انا أملكهم هنا تماماً.
الزا: ضعهم على المائدة.
ريك: (يهز رأسه) كلا.
الزا: للمرة الأخيرة، ضعهم على المائدة.
ريك: اذا كان لاسلو والقضية يعنون الشيء الكثير لك فلن يقف اي شيء في وجهك. حسناً سأجعل الموضوع أسهل لك.
يتقدم نحوها عن قرب.
ريك: تفضلي واطلقي النار. فتكوني قد اديت خدمة لي.
تسقط يدها، وهناك دموع في عينيها مرة ثانية. تستدير وتسير بعيداً عنه.
الزا: ريتشارد، حاولت ان اكون بعيدة. ظننت انني لن اراك مرة ثانية. وانك خرجت من حياتي نهائياً.
الزا: يوم ان غادرت، لو تعرف كم مررت بأحداث! لو كنت تعرف كم كنت احبك، وكم ما زلت احبك!
يقبلها ريك بشغف. ضاعت في عناقه.
إحلال إلى:
داخلي – قهوة ريك – شقة – بعد وقت
يتابع ريك من نافذته ضوء الفنار الدائر في المطار.
تجلس الزا على الكنبة وعلى مائدة أمامها زجاجة من الشمبانيا مع كأسين نصف مملوءين.
يسير ريك باتجاهها.
ريك: وبعد ذلك؟
الزا: لم يمر وقت طويل بعد زواجنا رجع بعده فيكتور إلى تشيكوسلوفاكيا كانوا بحاجة إليه في براغ، ولكن هناك كان الجستابو ينتظره.
مجرد سطرين عنوان في صحيفة: “فيكتور لاسلو ألقي القبض عليه. وارسل إلى معسكر الاعتقال. كنت مضطربة. حاولت لبضعة أشهر أن أتلقى منه كلمة. ثم جاءت. لقد مات، أطلق عليه الرصاص وهو يحاول الهرب. كنت وحيدة. لم يكن لدي شيء ولا حتى الأمل. ثم قابلتك.
ريك: لماذا لم تكوني صادقة معي؟
لماذا أبقيت موضوع زواجك سراً؟
يجلس ريك مع الزا.
الزا: اوه، لم يكن سري، يا ريتشارد
فيكتور اراده هكذا. حتى ولا أقرب اصدقائنا كانوا يعلمون عن الزواج. كانت هذه طريقته في حمايتي. كنت اعرف الكثير عن عمله، ولو عرف الجستابو انني زوجته سيكون خطراً علي وعلى الذين يعملون معي.
ريك: متى عرفت انه حي لأول مرة؟
الزا: مباشرة عندما قررنا أن نترك باريس معاً، جاء صديق وقال لي ان فيكتور كان حياً. كان مختبئاً في سيارة بضاعة في ضواحي باريس. كان مريضاً وكان بحاجة إلى. أردت أن أخبرك ولكني انا، انا لم أكن مهتمة. عرفت، عرفت انك كنت قد لا تترك باريس وأن الجستابو سوف يعتقلونك. ولذلك انا … حسناً، حسناً، تعرف البقية.
ريك: هه، ولكنها ما زالت قصة بلا نهاية. ماذا عن الآن؟
الزا: الآن؟ لا أدري، اعلم انني لن أملك القوة الكافية لأتركك مرة ثانية.
ريك. ولاسلو؟
الزا: اوه، سوف تساعده الآن، يا ريتشارد، أليس كذلك؟
ستحاول إخراجه؟ عندئذ سيستعيد عمله، كل ما كان يعيش لأجله.
ريك: كل شيء ما عدا واحداً. لن يحصل عليك.
تضع الزا رأسها على كتف ريك.
الزا: لم اعد أستطيع مغالبتها أكثر من ذلك. لن أستطيع أن أفعلها ثانية. اوه، لم أعد اعرف ما هو الصح مرة أخرى. عليك أن تفكر لكلينا، لجميعنا.
ريك: حسناً، سأفعل. هنا سأنظر إليك يا حبيبتي.
الزا: كنت أتمنى أن لا أحبك بهذا القدر.
تحتضن ريك أكثر.
قطع إلى:
خارجي. قهوة ريك – ليلاً.
يشق لاسلو وكارل طريقهما عبر الظلام باتجاه مدخل جانبي لقهوة ريك. يركضان داخل المدخل.
اضواء سيارة بوليس مسرعة تنطلق باتجاههم.
يقفان ملتصقين بالحائط حتى لا يراهما أحد. الأضواء تتحرك متجاوزة إياهم.
كارل: اعتقد اننا فقدنا أثرهم.
لاسلو: نعم. اعتقد انهم اعتقلوا بعضاً من الآخرين.
كارل: تعالي إلى الداخل. تعالي.
قطع إلى:
داخلي-قهوة ريك – القاعة الرئيسية – ليلاً
يدخل لاسلو وكارل ويقطعان نحو البار، وقد انقطعت انفاسهما من تعبهما.
كارل: تعال إلى الداخل. سأساعدك. ادخل إلى هنا.
لاسلو: شكراً.
يدخل كارل خلف البار.
كارل: سأعطيك بعض الماء
قطع إلى:
داخلي/خارجي. قهوة ريك – شقة – ليلاً.
يسمع ريك والزا اصواتاً من الاسفل. يقطع ريك نحو الباب. يفتحه فقط بالقدر الذي يسمح له برؤية الأسفل. ويطفئ النور.
تقف الزا مباشرة خلفه. تتحرك وكأنها ستخرج إلى الشرفة ولكن ريك يدفعها إلى الخلف تختفي خلف الباب.
يسير ريك نحو الشرفة على مهله.
داخلي. قهوة ريك – الشرفة / الغرفة الرئيسية – ليلاً.
يرى ريك كارل يعاين لاسلو الذي يبدو وكأنه جريح.
ريك: كارل، ما الذي حدث؟
كارل ولاسلو ينظران كلاهما إلى اعلى.
كارل: (متحمساً)
اوقف البوليس اجتماعنا.
سيد ريك! هربنا في آخر دقيقة.
ريك: تعالي إلى هنا لحظة.
ينظر كارل إلى أعلى، باحثاً، ثم يبدأ بالتوجه من جديد نحو السلالم.
كارل: نعم، أنا آت.
ريك: أريدك أن تطفئ النور في المدخل الخلفي. قد يلفت نظر البوليس.
كارل: ولكن ساشا دائما يطفئ ذلك النور..
ريك: .. الليلة نسي.
كارل: نعم، انا جئت. وسأفعل ذلك.
يصعد كارل على السلالم.
قطع إلى:
داخلي. قهوة ريك – شقة – ليلاً.
يدخل كارل شقة ريك ويرى الزا. ينظر إلى ريك ويقول لا شيء.
ريك: (بصوت منخفض) أريدك ان تأخذ الآنسة لوند إلى المنزل.
كارل: نعم، سيدي.
داخلي. قهوة ريك- الغرفة الرئيسية – ليلاً
يأتي ريك إلى أسفل السلم. يلف لاسلو واحدة من مناشف البار الصغيرة حول معصمه الجريح. ينظر ريك متسائلاً حول اليد الجريحة.
لاسلو: انها لا شيء. مجرد جرح بسيط. كان علينا أن نمر عبر شباك.
يسير ريك نحو البار، يتناول زجاجة، ويسكب كأساً.
ريك: حسناً، قد يكون هذا في متناول اليد.
لاسلو: شكراً.
ريك: حصلت على واحدة قريبة، آه؟
لاسلو: نعم، تقريباً.
يأخذ لاسلو كأساً.
ريك: ألا تتساءل احياناً إذا كان الأمر يساوي كل هذا؟ أعني الذي تقاتل من أجله؟
لاسلو: ممكن أن نتساءل أحياناً لما نتنفس. إذا توقفنا عن النفس، سوف نموت، وإذا توقفنا عن قتال أعدائنا، فالعالم سيموت.
ريك: ماذا عنه؟ عندئذ سوف يكون بعيداً عن بؤسه.
يفتش ريك في سترته بحثاً عن علبة السجائر، يفتحها، ويخرج منها سيجارة.
لاسلو: هل تعرف كيف يبدو كلامك، سيد بلاين؟ مثل رجل يحاول أن يقنع نفسه بشيء لا يؤمن فيه بقلبه. كل واحد منا له قدره، من أجل الخير او الشر.
ريك: نعم، أدركت النقطة.
يشعل ريك سيجارته.
لاسلو: ترى هل تفعل ذلك. أتساءل إذا ما كنت تعرف انك تحاول الهرب من نفسك وانك لا يمكن أن تنجح.
ريك: يبدو انك تعرف كل شيء عن قدري.
لاسلو: اعرف الشيء الكثير عنك أكثر مما تظن. اعرف على سبيل المثال، انك تحب امرأة. ومن الغريب ربما اننا نحن الاثنين نحب نفس المرأة.
اول مساء قدمت فيه إلى هنا إلى هذه القهوة، عرفت ان هنالك شيئا بينك وبين الزا. حيث لا أحد يلام، انا، انا لا أطلب تفسيراً أطلب فقط شيئاً واحداً. أن تعطينا رسائل التأشيرة الخارجية. حسناً ولكنني أريد أن تكون زوجتي في أمان. اطلب منك خدمة أن تستخدم الرسائل لإبعادها عن كازابلانكا.
ريك: هل تحبها إلى هذا الحد؟
لاسلو: من الواضح إنك تقيمني بذهنك كقائد لقضية. حسناً انا ايضاً إنسان.
ينظر بعيداً لبرهة من الزمن.
لاسلو: نعم، أحبها إلى هذا الحد.
فجأة تسمع ضوضاء على باب المقهى يتبعها دخول عنيف لبضعة عساكر جندرمة. يدخل ضابط فرنسي إلى الداخل وينادي لاسلو.
الضابط الفرنسي: سيد لاسلو؟
لاسلو: نعم؟
الضابط الفرنسي: ستأتي معنا. معنا امراً بإلقاء القبض عليك.
لاسلو: بأية تهمة؟
الضابط الفرنسي: الكابتن رينولت سيناقش معك الأمر فيما بعد.
ريك: يبدو أن القدر ادخل يده.
ينظر لاسلو لبرهة من الزمن نحو ريك، ثم بصمت محترم يتوجه نحو الضابط: يسيران معاً نحو الباب. تتبعهما عينا ريك. ولكن تعبيره لا يظهر مشاعره.
داخلي. مكتب رينولت – صباحاً
يجلس رينولت على مكتبه ويدخن بينما يلعب ريك بعصبية في قبعته. يتقاطعان بدخول حاجب. يسلم رينولت بعض النماذج للحاجب، الذي يخرج، وتستمر المحاورة.
ريك: ولكنك لا تملك أي إثبات واقعي، وانت تعرف هذا.
هذه ليست المانيا او فرنسا المحتلة. كل ما تستطيع فعله هو أن تفرض عليه أن يدفع بضعة آلاف الفرنكات وتعطيه ثلاثين يوماً. ويمكنك أن تتركه يذهب الآن.
رينولت: ريكي، أن أنصحك أن لا تكون شديد الاهتمام، بما يحصل للاسلو. إذا لأي سبب تريد أن تساعده على الهروب…
ريك: … لماذا تفكر انني سأمد رقبتي للاسلو؟
رينولت: لأنه اولاً انت رهنت بعشرة آلاف فرنك انه سيهرب. ثانياً انت تملك رسائل التأشيرات، الآن لا تهتم بإنكار وجودها. و، حسناً، قد تفعل ذلك لأنك لا تحب نظرات ستراسر. وفي الحقيقة انا لا أحبه أيضاً.
ريك: حسناً، كل هذه اسباب ممتازة.
رينولت: لا تعتمد كثيراً على صداقتي، يا ريكي. في هذا الموضوع انا ضعيف. بالإضافة إلى ذلك فقد أخسر عشرة آلاف فرنك.
ريك: انت لست قوياً ولكنك مؤثراً. انا، انا أدركت النقطة انوي أن استخدمها بنفسي. انا سأغادر كازابلانكا على طائرة الليلة، آخر طائرة.
رينولت: هه؟
ريك: وسآخذ صديق معي واحد ستقدره.
رينولت: اي صديق.
ريك: الزا لوند. (يتوقف).
وهذا من المفروض أن يريح عقلك من فكرة مساعدة لاسلو على الهروب. آخر رجل أريد أن أراه في امريكا.
رينولت: لم تأت إلى هنا لتقول لي هذا. لديك رسائل تأشيرات الترانزيت. باستطاعتك أن تملأ اسمك واسمها وتغادر في أي وقت تشاء. لماذا انت مهتم بما سيجري للاسلو؟
يخرج رينولت من كرسيه ويقف أمام مكتبه.
ريك: انا لست كذلك. ولكنني مهتم بما سيحدث لالزا وانا.
لدينا سبب شرعي للمغادرة، وهذا صحيح. ولكن كثير من الناس بقوا في كازابلانكا بالرغم من حقوقهم القانونية.
يشعل رينولت سيجارة طازجة من علبة في مكتبه.
رينولت: ما الذي جعلك تظن اننا نريد الإمساك بك.
يشعل رينولت سيجارته من سيجارته القديمة.
ريك: الزا هي زوجة لاسلو، ربما تعرف اشياء يريد أن يعرفها ستراسر. لويز، سأعقد صفقة معك. بدلاً من هذا الاتهام التافه الذي لديك ضده، بإمكانك أن تحضر شيئاً كبيراً حقاً، شيء سيضعه في معسكر اعتقال السنوات، وهذا سيكون ريشة في قبعتك، أليس كذلك؟
رينولت: من المؤكد أن يفعل. المانيا.. فيشي سيكونان ممنونتين جداً.
ريك: اذا، أطلق سراحه، وستكون في مكاني نصف ساعة قبل إقلاع الطائرة.
يجلس رينولت ثانية في كرسيه.
ريك: سأرتب لقدوم لاسلو إلى هناك ليأخذ رسائل التأشيرات وهذا سيعطيك الأرضية الإجرامية التي ستبني عليها اعتقالك.
ستحضره، ونحن نذهب بعيداً. بالنسبة للألمان فهذا الأخير سيكون إزعاجا ثانويا.
رينولت (مذهولاً)
ما زال هنالك شيء حول هذا العمل الذي لا أفهمه جيداً الآنسة لوند، انها جميلة جداً، نعم، ولكنك لم تكن مهتماً بتاتاً بأية امرأة.
ريك: حسناً، وهي ليست اية امرأة.
يحدق ريك بالأرض، ثم ينظر راجعاً إلى أعلى إلى رينولت.
رينولت: فهمت. وكيف سأعرف انك ستبقى نهايتك من الاتفاق؟
ريك: سأعمل الترتيبات الآن مباشرة مع لاسلو بقلم الزائرين.
رينولت: ريكي، سوف افتقدك. بوضوح أنت الانسان الوحيد في كازابلانكا الذي يملك وازعاً أقل مني.
ريك: اوه، شكراً.
رينولت: توجه إلى الأمام، يا ريكي.
يضغط رينولت زراراً على مكتبه فيرسل صوتاً. يفتح باب مكتب رينولت. ينهض ريك لينصرف.
ريك: وعلى فكرة استدعِ كلاب الحراسة بعيداً عندما تتركه يذهب. لا أريدهم حولنا بعد الظهر هذا. انا لا أريد ان اتعرض لأي صدف حتى ولا معك انت.
قطع إلى:
داخلي – الببغاء الأزرق – نهاراً
يحضر نادل الشاي لريك. وفيراري، اللذين يجلسان على مائدة في ركن خارج الغرفة الرئيسية.
فيراري: هل تكتب الأوراق أم أن تصافح أيدينا يكفي؟
ريك: حتماً هو غير كافٍ، ولكن بما انني مستعجل، فيجب أن يكون كافياً.
يسكب فيراري قدحاً لريك، الذي يأخذ رشفة.
فيراري: آه، ان تخرج من كازابلانكا وتذهب إلى امريكا! فأنت رجل محظوظ.
ريك: اوه، على فكرة، اتفاقيتي مع سام انه يأخذ خمسا وعشرين بالمائة من الأرباح. وهذا يستمر.
فيراري: همم. انا اعرف أنه يأخذ عشرة بالمائة ولكنه يستحق الخمس والعشرون.
ريك: وعبدول وكارل وساشا، سيبقون مع المكان، وإلا فلن أبيع.
فيراري: حتما سيبقون. قهوة ريك لن تكون كذلك بدونهم.
ريك: حسناً، إلى اللقاء.
ينهض ريك يتبعه فيراري. يهزان الأيدي ليختما الصفقة.
يسير نحو الباب، ثم يتوقف ويستدير.
ريك: لا تنسَ أنت مدين لريك بمائة صندوق من السجائر الأمريكية.
فيراري: سأتذكر ان ادفعها… لنفسي.
يغادر ريك يلتقط فيراري قتالة ذباب من على المائدة ويضرب بها ذبابة.
خارجي. قهوة ريك – ليلاً
سيارة تقف بسرعة خارج المقهى. وعلى الباب لوحة كبيرة تقول:
مغلق
بأمر من قائد البوليس.
قطع إلى:
داخلي. قهوة ريك – الغرفة الرئيسية – ليلاً
يجلس ريك على مائدة في الداخل ويقرأ رسائل التأشيرات.
يسمع ضربة على الباب فيضعها في جيبه. يفتح الباب فيدخل رينولت.
ريك: تأخرت.
رينولت: لقد بلغت مباشرة بينما لاسلو كان على وشك مغادرة الفندق، فعرفت انني سأكون على الوقت.
ريك: اعتقد انني طلبت منك أن تربط كلاب الحراسة.
رينولت: اوه، لن يتبعه أحد هنا.
ينظر رينولت حول القهوة الفارغة.
رينولت: هل تعلم، هذا المكان لن يكون كما هو بدونك، يا ريكي
ريك: نعم، اعرف ما تعني، ولكنني سبق وتكلمت مع فيراري. سوف تبقى تفوز بالروليت.
رينولت: هل كل شيء جاهز؟
يشير ريك إلى جيبة صدره.
ريك: معي الرسائل هنا.
رينولت: قل لي عندما فتشنا المكان، اين كانوا؟
ريك: بيانو سام.
رينولت: من حظي انني لست من هواة الموسيقى.
يسمعون أصوات الدواليب اثناء الاقلاع.
ريك: اوه، ها هما. من الأفضل أن تنتظر في مكتبي.
يصعد رينولت إلى أعلى السلالم نحو مكتب ريك.
قطع إلى:
خارجي. قهوة ريك – ليلاً.
يحاسب لاسلو سائق التاكسي. تسير الزا بسرعة نحو المدخل.
لاسلو (مخاطباً السائق) هنا.
قطع إلى:
داخلي . قهوة ريك – الغرفة الرئيسية – ليلاً
يفتح ريك الباب. تركض الزا نحو الداخل. تظهر الشدة التي تعانيها الضغط الذي تتحمله يلتقطها ريك بذراعيه ويشدها إليه.
الزا: ريتشارد، فيكتور يعتقد انني مغادرة معه. ألم تقول له؟
ريك: كلا، ليس بعد.
الزا: ولكن لا بأس في ذلك، أليس كذلك؟ استطعت أن ترتب كل شيء؟
ريك: كل شيء حسن تقريباً.
الزا: اوه، ريك!
تنظر اليه بنظرة غير واضحة متسائلة.
ريك: سنقول له في المطار. الوقت القليل للتفكير. الأسهل لنا جميعاً. من فضلك ثقي بي.
تتوقف الزا وتنظر نحو ريك، غير متأكدة لبرهة من الزمن.
الزا: نعم، سأفعل.
يدخل لاسلو ويغلق الباب خلفه.
لاسلو: سيد بلاين، لا أعرف كيف اشكرك.
ريك: اوه، وفر عليك هذا. ما دام امامنا الكثير لنفعله.
يسيرو جميعاً باتجاه البار. يضع لاسلو قبعته على مائدة مجاورة.
قطع إلى:
داخلي. قهوة ريك – مكتب – ليلاً
يفتح رينولت باب المكتب وينظر إلى المجريات.
قطع إلى:
داخلي. قهوة ريك – الغرفة الرئيسية – ليلاً
لاسلو: احضرت المال، سيد بلاين.
ريك: احتفظ به ستحتاجه في امريكا.
لاسلو: ولكننا أجرينا اتفاقية.
ريك: (ينهي المناقشة باختصار) اوه، لا تفكر بهذا. لن تجد أية متاعب في لشبونة، اليس كذلك؟
لاسلو: كلا. كل شيء مرتب.
ريك: حسناً. انا احمل الرسائل هنا، جميعها خالية من الكتابة. يأخذ الرسائل.
ريك: كل ما عليك ان تفعله أن نملأ الإمضاء.
يسلمهم للاسلو، الذي يأخذهم شاكراً.
رينولت: فيكتور لاسلو!
الثلاثة يسمعون خطوات ويستديرون لبرو رينولت يسير باتجاههم من كعب السلالم.
رينولت: فكتور لاسلو، انت مقبوض عليك….
(وبينما يسير نحوهم) بتهمة قتل السعاة الذين سرقت منهم هذه الرسائل.
تعتقل الزا ولاسلو بدون أن يأخذا بالهما يستديران نحو ريك مذهولين. الرعب في عيني الزا.
يأخذ رينولت الرسائل.
رينولت: اوه، انتما مندهشان من صديقي ريكي.
من الواضح أن الموقف يسعد رينولت. يبتسم وهو يستدير نحو ريك.
رينولت: التفسير بسيط جداً.
الحب، يبدو انتصر على الفضيلة شكراً ….
فجأة تذوي الابتسامة. بين ريك هنالك مسدس، يرفعه على رينولت.
ريك: .. ليس بهذه السرعة، لوييس. لن يعتقل أحد. ليس لبرهة قادمة.
رينولت: هل تخليت عن إحساسك؟
ريك: نعم فعلت. اجلس هناك.
رينولت: ضع هذا المسدس جانباً.
يسير رينولت بعد ذلك نحو ريك. يمد ريك ذراعه ليمنعه.
ريك: لويس، لا أرغب في أن أطلق النار عليك ولكنني سأفعل، اذا خطوت خطوة واحدة زيادة.
يتوقف رينولت برهة من الزمن، ويدرس ريك.
رينولت: تحت هذه الظروف سأجلس.
يسير نحو مائدة ويجلس.
ريك: (بقسوة) ضع يداك على المائدة.
يتناول علبة سجائر.
رينولت: اعتقد انك تعرف ما تفعل، ولكن اتساءل إذا ما ادركت ماذا يعني هذا؟
ريك: انا اعرف. لدينا الكثير من الوقت لنناقش ذلك فيما بعد.
رينولت: ابعد كلامك الحراس قلت.
ريك: لا بأس، اتصل انت بالمطار ودعني اسمعك تقول لهم. وتؤكد، هذا المسدس موجه إلى قلبك مباشرة
رينولت: هذه اكثر نقطة ضعيفة عندي.
وبينما يلتقط رينولت الهاتف ويطلب النمرة، يستعيد ريك الرسائل.
رينولت: (في الهاتف) مرحباً، هل هذا المطار؟ هذا كابتن رينولت يتكلم. سيكون هنالك رسالتي تأشيرة إلى طائرة لشبونة. لن يكون هنالك اية مشكلة حولهم. حسناً.
قطع إلى:
داخلي. القنصلية الألمانية – ليلاً
ستراسر على الهاتف
ستراسر: مرحباً؟ مرحباً
يضع السماعه في مكانها ويضغط على زر في مكتبه. يدخل أحد الضباط
ستراسر: (مخاطباً الضابط) سيارتي، بسرعة!
الضابط: (محيياً) تحت أمرك، سيدي الماجور.
يخرج الضابط ويعود ستراسر إلى الهاتف.
ستراسر: هذا الماجور ستراسر . لتأتي فرقة من البوليس وتقابلني عند المطار فوراً. فوراً! هل تسمع؟
يضع السماعة في مكانها ويمسك بقبعته، ويخرج بسرعة.
إحلال إلى:
خارجي. مطار – ليلاً
المطار برمته محاط بضباب كثيف. بالكاد نرى خطوط الطائرة المسافرة.
قطع إلى:
داخلي/ خارجي – حظيرة طائرات المطار – ليلاً
رجل محترم بالملابس الرسمية يستخدم الهاتف بالقرب من باب الحظيرة.
وعلى أرض المطار هنالك طائرة ركاب تجهّز للسفر.
الرجل الرسمي: مرحباً. مرحباً، برج الراديو؟ طائرة لشبونة ستنطلق خلال عشر دقائق. التحرك إلى الشرق. الرؤيا: واحد وواحد ونصف ميل. ضباب خفيف منخفض. عمق الضباب: تقريباً 500 السقف: غير محدود. شكراً.
يضع السماعة مكانها ويتحرك نحو سيارة خرجت تواً خارج الحظيرة.
يخرج رينولت بينما يقف الرجل الرسمي تحت الأمر. يتبعه ريك عن قرب، ويده اليمنى في جيبه معطفه الواقي من المطر، يغطي رينولت بمسدس.
يخرج لاسلو والزا من المقعد الخلفي للسيارة.
ريك: (مشيراً إلى الموظف الرسمي) لويس، هل لك ايها الرجل أن تذهب مع السيد لاسلو وتهتم بعفشه.
رينولت: (ينحني بسخرية) حتما يا ريك، اي شيء تقوله.
(مخاطباً الموظف) اوجد حاجيات السيد لاسلو وضعها في الطائرة.
الموظف: نعم، سيدي. من فضلك من هنا.
يصحب الموظف لاسلو بعيداً باتجاه الطائرة.
يأخذ ريك رسائل التأشيرة من جيبه ويسلمها إلى رينولت، الذي يستدير ويسير باتجاه الحظيرة.
ريك: إذا سمحت، إملأ الأسماء. فهذا سيجعلها رسمية أكثر.
رينولت: انت تفكر بكل شيء. أليس كذلك؟
ريك: (بهدوء) والاسماء هي السيد والسيدة فيكتور لاسلو.
يتوقف رينولت ميتاً في مكانه ويستدير إلى الخلف. تنظر الزا ورينولت نحو ريك بدهشة.
الزا: ولكن لماذا اسمي يا ريتشارد؟
ريك: لأنك ستصعدين على هذه الطائرة.
الزا: (مرتبكة) انا لا أفهم. وماذا عنك؟
ريك: أنا باق، هنا معه حتى تقلع الطائرة بأمان.
فجأة لا تفهم الزا نوايا ريك.
الزا: كلا، يا ريتشارد، كلا. ماذا جرى لك؟ قلنا ليلة البارحة …
ريك: .. ليلة البارحة قلنا أشياء عديدة وقلت انني علي أن اقوم بالتفكير لكلينا. حسناً، فكرت بالكثير منه منذ ذلك الحين وكلها تؤدي إلى نفس الشيء… ستصعدين على تلك الطائرة مع فيكتور حيث مكانك.
الزا: (محتجة) ولكن ريتشارد، كلا، انا، انا …
ريك: .. عليك أن تستمعي إلى. هل لديك اية فكرة عما تتوقعينه إذا ما بقيت هنا؟ تسعة احتمالات من عشرة سنذهب نحن الاثنين إلى معسكر اعتقال. أليس ذلك صحيحاً يا لوبيس؟.
يمضي رينولت الأوراق.
رينولت: انا خائف، أن يصرّ الماجور ستراسر.
الزا: انت تقول هذا لتجعلني أغادر.
ريك: انا اقول هذا لأنه حقيقي.
في اعماقنا نعرف كلانا انك تخصي فكتور. انت جزء من عمله، الشيء الذي يدفعه على الاستمرار. إذا ما تركت هذه الطائرة الأرض وانت لست معه، سوف تندمين.
الزا: كلا.
ريك: ربما ليس اليوم، ربما ليس غداً، ولكن سريعاً، ولما بقي من حياتك.
الزا: ولكن ماذا عنّا؟
ريك: ستكون لنا دائما باريس. لم تكن لنا، لقد خسرناها. حتى جئت إلى كازابلانكا. أستعدناها الليلة الفائتة.
الزا: وانا قلت انني لن اتركك.
ريك: ولن تتركيني. ولكن انا لدي مهمة سأقوم بها، أيضاً الذي يجب أن أقوم به لن تستطيعي أن تكوني جزءاً منه.
الزا: انا لست جيدة في ان اكون نبيلة، ولكن لا يحتاج إلى الكثير من الجهد لنرى أن مشاكل ثلاثة اشخاص صغار، لا تصل إلى تلة من الفاصوليا، في هذا العالم المجنون. في يوم من الأيام ستفهم ذلك. الآن، الآن ….
تمتلئ عينا الزا بالدموع. يضع ريك يده على ذقنها ويرفع وجهها ليواجه وجهه.
ريك: هائنذا انظر اليك، يا صبية.
قطع إلى:
خارجي. طريق – ليلاً
يقوم الماجور ستراسر بسرعة جنونية نحو المطار. ويضرب زمور السيارة بغضب.
قطع إلى:
دخالي/خارجي – حظيرة المطار – ليلاً
يعود لاسلو. يسير ريك نحو الحظيرة ويسلمه رينولت الرسائل. يسير عائداً نحو لاسلو.
لاسلو: كل شيء على ما يرام؟
ريك: كل شيء ما عدا شيء واحد. هنالك شيء يجب أن تعرفه قبل أن تغادر.
لاسلو: (مدركا ما سيأتي) سيد بلاين، انا لا أطلب منك تفسير أي شيء.
ريك: سوف افعل ذلك على أي حال، لأن هذا سيكون له أهمية لديك فيما بعد. قلت أنك تعرف عن الزا وعني.
لاسلو: نعم.
ريك: ولكنك لم تعرف انها كانت عندي الليلة الماضية عندما كنت انت هناك. جاءت من اجل رسائل التأشيرات أليس هذا صحيحاً، يا الزا؟
الزا (مواجهة لاسلو) نعم.
ريك: (بقوة) حاولت كل شيء لتأخذهم، ولم ينجح شيئاً. قامت بما في وسعها لتقنعني بأنها ما زالت تحبني، ولكن هذا كان قد انتهى منذ زمن طويل. من اجلك حاولت التظاهر بأنه لم ينته، وتركتها تتظاهر.
لاسلو: فهمت
ريك: ها هي ذا.
يسلم ريك الرسائل إلى لاسلو.
لاسلو: شكراً. انا أقدر ذلك.
يمد لاسلو يده لريك الذي يحتويها بشدة.
لاسلو: اهلا بعودتك إلى المعركة. هذه المرة اعرف أن جانبنا سينتصر.
وعلى أرض المطار يبدأ موتور الطائرة بالتحرك وتبدأ المحركات بالدوران يستدير الجميع ليرى الطائرة وهي على وشك الإقلاع.
تنظر إلزا نحو ريك ويعيد لها ريك النظرة بتعبير فارغ.
ثم يعود فيحدق بلاسلو كما تفعل الزا.
ثم يكسر لاسلو الصمت.
لاسلو: هل انت جاهزة يا إلزا؟
الزا: نعم انا جاهزه.
(ثم يخاطب ريك) مع السلامة يا ريك. ليباركك الله.
ريك: من الأفضل ان تسرع، والا فستفوتك الطائرة.
يراقب ريك الزا ولاسلو وهما يسيران بحرية نحو الطائرة.
رينولت: حسناً، كنت مصيباً. انت عاطفي.
ريك: قف مكانك. انا لا أدري عن ما تتكلم.
يضع ريك سيجارة في فمه.
رينولت: الذي فعلته الآن للاسلو وتلك القصة الخرافية التي ابتكرتها لترسل الزا بعيداً معه. اعرف القليل عن النساء، يا صديقي، ذهبت ولكنها كانت تعرف انك تكذب.
ريك: على أي حال، شكراً لمساعدتك لي في الخروج.
رينولت: اعتقد أنك تعرف ان هذا لن يكون شيئاً شيقاً لنا نحن الاثنين وخاصة لك. على أن اعتقلك، طبعاً.
ريك: بمجرد ان تنطلق الطائرة، يا لوبيس.
لقد اقفل باب الطائرة من قبل حارس وستتحرك على مهلها فوق الحقل.
فجأة، سيارة مسرعة تتوقف خارج الحظيرة يخرج ستراسر من السيارة ويركض نحو رينولت.
ستراسر: ما معنى هذه المكالمة الهاتفية؟
رينولت: فيكتور لاسلو على متن هذه الطائرة.
يهز رينولت رأسه باتجاه الحقل. يستدير ستراسر ليرى الطائرة تتحرك باتجاه الممر.
ستراسر: لماذا تقف هنا؟ لماذا لا توقفه؟
رينولت: اسأل السيد ريك.
ينظر ستراسر قليلا نحو ريك، ثم يخطو نحو الهاتف تماماً عند باب الحظيرة.
ريك: أبعد عن هذا الهاتف.
يقف ستراسر مكانه، ينظر نحو ريك، ويرى انه مسلح.
ستراسر: (نظرة فولاذية)
انصحك الا تتدخل.
ريك: كنت انوي أن أصيب الكابتن رينولت، والآن انا جاهز لإطلاق النار عليه.
يراقب ستراسر الطائرة بحزن عيناه تتوجهان نحو الهاتف. يركض نحوه ويمسك بالسماعة يائساً.
ستراسر: مرحباً؟
ريك: ضع ذلك الهاتف ارضاً.
ستراسر: اعطني برج الراديو!
ريك: ضع الهاتف من يدك!
ستراسر، بإحدى يديه السماعة ويسحب بالأخرى مسدس. ويطلق النار بسرعة على ريك. تخطئه الرصاصة.
يطلق ريك الآن النار على ستراسر، الذي يسقط أرضاً.
عند سماع صوت سيارة قادمة يستدير الرجلان. تسرع سيارة بوليس داخلة وتتوقف بالقرب من رينولت. يقفز منها أربعة عساكر.
عن بعد تنطلق الطائرة في مسارها.
يركض العساكر نحو رينولت. الأول يحييه بسرعة.
العسكري: يا سيدي!
رينولت: لقد أطلق النار علي الماجور ستراسر.
يتوقف رينولت وينظر نحو ريك. ريك يعيد نظره رينولت بعينين غير مقرّتين.
رينولت: حدد المشتبه بهم المعتادين.
العسكري: نعم. يا سيدي.
يأخذ العسكري جثة ستراسر وينطلق مبتعداً.
يسير رينولت داخل الحظيرة، يتناول زجاجة ماء فيشي، ويفتحها.
رينولت: حسناً، ريك، أنت لست عاطفيا فقط ولكنك أصبحت مناضلاً.
ريك: ربما، ولكن يبدو أن هذا وقتاً جيداً لأبدأ.
رينولت: اعتقد ربما انك على حق.
وبينما يسكب الماء في كأس، يرى رينولت ورقة فيشي وبسرعة يسقط الزجاجة في صندوق الزبالة والذي يركله فيما بعد.
يسير ويقف بجانب ريك. يراقب كلاهما الطائرة وهي تنطلق. يتابعانها بنظرهم حتى تختفي في السحاب.
ريك ولويس يسيران ببطء في الحظيرة باتجاه الممر.
رينولت: قد تكون فكرة سديدة ان تختفي من كازابلانكا لفترة من الزمن… هنالك حامية فرنسية حرة في برازفيل أستطيع أن أرتب لك مرورًا لهناك.
ريك: رسالة التأشيرة الخاصة بي؟ أستطيع أن استعملها لرحلة. ولكن هذا لا يغير من امر الشرط الذي بيننا.
انت ما زلت مديونا لي بعشرة آلاف فرنك.
رينولت: والعشرة آلاف فرنك ستدفع مصاريفنا.
ريك: مصاريفنا؟
رينولت: اوه هوه.
ريك: لويس، اعتقد أن هذه بداية لصداقة جميلة.
يسير الاثنان معاً نحو الليل.
إظلام تدريجي
النهاية