نضال برقان
(1)
لمْ يكنْ دفترَ عائلةٍ
كانَ حديقةً بكاملِ عصافيرِها
قبلَ أن تعبثَ به الحربُ
وتحيلَهُ جُثّـةً هائلة.
(2)
لم يعدْ ثمّـةَ جبهةٌ يُنقلُ إليها الناسُ
بالشاحناتِ العسكريةِ أو بالناقلاتِ المجنزرةِ
الجبهةُ هُنا..
في الشارعِ
في البيتِ
في غُرفةِ المعيشةِ
الجبهةُ هُنا..
حيثُ الحربُ تحرثُ الأرضَ بمخالبِها الضخمةِ
وحيثُ الكلُّ يُلقى به من نوافذِ الخيانةِ
ليسقط.. من دفترِ العائلة.
(مشهدٌ جانبيّ)
القاتلُ هذه المرّة لمْ يكنْ مُحترفًا تمامًا
قُتِلَ بـ”نارٍ صديقةٍ”
قبلَ أن ينهي مهمّته بشكلٍ مناسبٍ
قُتِلَ قبلَ أن يقتلَ كلَّ شيءٍ.. بقليلٍ
لعلّه يشعرُ الآنَ بالأسى
..”كانَ عليَّ أن أكونَ قاتلا، لا قتيلا، هل تُسامحني.. يا ربُّ؟ قُتِلتُ من دونِ قصدٍ، هل تُسامحني.. يا ربُّ؟ قُتِلتُ قبلَ أن أقوم بالواجباتِ الموكولةِ إليَّ بِأمانةٍ، هل تُسامحني.. يا ربُّ؟”
هذا ما كانَ يحدِّثُ به نفسَه
بينما رفاقُه يمرّون من جنبِهِ
مستعجلين جدًّا
تاركين ما بقيَ من جُثّـتِهِ.. للكلاب.
(3)
لا براكينَ في الجوار
لكنّ الحِممَ تملأُ السماءَ
والصُّهارةَ ترسِلُ كلَّ شيءٍ إلى العدم.
لا زلازلَ..
لكنَّ الأرضَ اجتثّـت وجهَها وارتدتهُ مقلوبًا.
لا صواعقَ عرفت كيفَ تصلُ إلى غاباتِ كلامِنا
لكنّنا اليومَ لم نتكفّل بحرقِ تلك الغاباتِ فقط
بل حرقنا كلَّ شيءٍ.. كلَّ شيءٍ.. تماما.
(4)
عَبَرتْ سنواتٌ جثمانَ البلادِ
والقتيلُ الذي لم يسجل اسمَه أحدٌ
ضمن قائمةِ الشهداءِ
لم يزلْ مطروحًا على قارعةِ الحسرةِ
ويردّدُ العبارةَ نفسَها:
أعيدوني إلى دفترِ العائلة.