سعداء بأننا عدنا .. ،
نتخفف من رفقتها غير العادلة لظهورنا ،
السنوات التي تلفت بفعل الحرارة والندم .. ،
وها تتخلص السفينة من كل حمولتها لتطفو مرة أخرى .
نحن الذين عدنا
بغير ريش ربما ، بغير أسماء ، بغير عشيقات،
ولكن بذنوب أقل .
على العتبات نمسح ما علق بأحذيتنا من كوارث
– وكأننا عائدون إلى حياتنا من جديد – نفتح عيوننا على الهواء
الذي ينتظر خطأً ما كي يتحرك ،
بغير شك رأسنا هذا الذي يميل إلى الداخل هو هذا الخطأ ..،
كزاهد ٍ لا يتوقع زواراً ارتبك المكان
ارتعش اللهب الواهن في يده
بصعوبة ٍ سرقت المقاعد بعض الضوء لتتعرف علينا
نحن أصحابها
نحن الذين عدنا إلى منافينا المحببة إلى نفوسنا…..
هذه دواليبنا تفتح دلفها
دون أن تتحسر كبقية الزوجات على هدايانا الفقيرة . حظها الرديء
مثل امرأة من عصر جداتنا البدينات تهيئ الرفوف مكاناً نظيفاً لطي ملامحنا
ملامحنا التي لن نحتاج إليها
ما دمنا سنمكث طويلاً
مادمنا سنجرب طرقاً غير تقليدية لعلاج الأمل.
أقل ما يمكن جولاتنا القصيرة هنا أو هناك
أقل ما يمكن ..
كالعادة مرة وراء مرة نختلي بأنفسنا
ننفرد بجوعنا الطيب .
تحت أقدامنا – ليس في مكان آخر – الجنة التي
في كل مرة تمنحنا حق اللجوء
فنسارع إلى غرس نوايانا بالقرب من حواف الوسائد
البلكونات ، طاولة الكتابة
ناسين أن الأمطار نادرة في البيوت الضيقة
وأن دموعنا ملحية أكثر من اللازم
نحن الذين عدنا إلى الحجرات المدهوسة ببطء خطواتنا ..،
ترددنا الكفيف ..،
ساعاتنا الرملية .. ،
إلى صحراء تبيض ُ بالقرب من أنفاسنا.. ،
إلى أَسرّتنا ..،
المناطق الخطرة التي تحفظ أهوالنا برزانة مريض فقد الأمل
تهيب بالوقت :
من فضلك انتظر قليلاً ……….
لم العجلة ؟؟؟
نحن مذعورون ونتحلى بضبط النفس كما علمتنا
ألا ترى ذلك ؟؟؟
ألا تتعطف وتنسانا
ولو لنعدل هندام أيامنا …،
على الأقل نتذكر لماذا نحن هنا أساساً ؟؟؟؟
نعدك: لا مهرب لنا، معنا هزائمنا..، أوتادنا..،
ثم أننا لن نخدع القبور بالحكايات المعادة :
فقط سنتمدد هنا أو هناك ككلمات قديمة ،
مغبرين من معارك لا شأن لنا فيها
نعد الشاي
ونترك الأكواب باردة وممتلئة
فتعرف طوابير النمل أننا مشغولون بالتحديق في بعضنا البعض
ثم ………,
– وبلا ضرورة – نفرد عظامنا ,
أرواحنا هي الأخرى مفاصلها تتفكك ،
– ظانين أننا فعلنا ما علينا – نغلق أبوابنا
شبابيكنا في وجه الصدفة
في وجه الحياة …
الحيطان التي تدربنا خلفها على النسيان سميكة
قلوبنا ليس من الصواب استعمالها هكذا في استعمالات رخيصة
ناقصون ناقصون !!!
من يتهمنا بذلك ؟؟؟؟
وما ذنبنا إذا كانت أرحام أمهاتنا ضيقة لهذا الحد ؟؟؟؟
ثم أننا سافرنا ..،
جندنا أقدامنا لأن تمشي طويلاً ..،
من عتبة إلى عتبة .. ،
من نهار إلى نهار ..،
إلى ليل بذيول طويلة يعلق نجومه هكذا حول أعناقنا
كتمائم تحفظنا من الحياة !!!!!
متنا كثيراً ..،
وفي كل مرة كان نقصنا يقل
يزيد
لكنه ظل هناك
لم ينسحب أبداً من ملعبه المفضل
مسقط رأسه
تلك المناطق الحرجة على حدود أرواحنا
شرّقنا
غرّبنا
تحايلنا على علامات الطريق
أبناء شيبة نحن الذين جئنا هكذا بغير تخطيط ..،
وبغير تخطيط تعصف بنا الحياة !!!
في كل مرة لم يكن لنا يد
زورنا ملامحنا
ابتسمنا بمرارة لشرطي المرور
للسماء التي لم تهتم .
حاولنا أن نفهم
رفعنا رؤوسنا كذئاب نحيلة تحارب الصحراء دون قصد
وحدنا كنا هنا
وحدنا بقينا هنا
ليس أكثر .
رائحة العرق في قمصاننا
أحذيتنا المغبرة بفعل اليأس
وكأننا واثقون من حياتنا
من وجودنا
من حجارة العدم حيث بغير توقف تنهار فوق رؤوسنا
بعضنا كان يسخر بمرارة
يضع خوذة
ويقضم خبزه الناشف
لكننا جميعاً تسمرنا أمام المقابر
شاركنا في جنازات لم تكن لنا
ثم أنهم بصعوبة أفلحوا في عد نهداتنا التي أمطرت بالقرب من تلك الذكرى
نسياننا هو الآخر كان ينتظر دوره
وما حدث هو أننا هربنا من كل ذلك
أعطينا ظهورنا لكلمات لا نعلم كيف احتملت كل هذا الخلود
«كأن شيئاً لم يكن»: كان بإمكاننا أن نفهم
غير أنه الوهم مهمازنا الذي تحرك كنميمة
لكسب المزيد من الأصدقاء
هكذا وبضربة ٍعمياء من خيال ٍميت ٍ
عدنا محملين بأرقام الهواتف
من غير أن تفهم جيوبنا بأننا مجرد غيمة ستعبر سريعاً
مسافرون بلا متاع ٍ ..،
لو كان آباؤنا ببناطيل جينز لعلمونا
من قال أننا سنهاتف طوب الأرض :
نؤكد له أننا هنا
نأكل جيداً ..،
ندخن جيداً ..،
نتوسد ظهور نسائنا كفحول معلوفة جيداً
ماهرون وممتلئون :
انه التواتر الأملس الذي يجعلهم أيضاً يتخفون خلف أيامهم
يختفون تحت تصرف الصدفة
اللغة غير طاهرة كما نعرف كل يوم ..،
دروبنا .. قلوبنا .. المحطات البعيدة .. الكراسي العمياء .. السماوات .. الدموع
الموسيقى .. الكتابة تحت ضغط عال ٍ .. أخطاؤنا أيضاً .. الفم المفتوح .. الأصحاب
كما تقول الكتب .. الحبيبات .. الشعوب المتروكة على خير .. الحماقة بغير نيّة ٍ ..
الخوف .. الطعام .. الحكمة .. الشجاعة كما طفل بعكازين .. الموت على سبيل الدعابة .. علامات الطرق
.. الرمال ..الحصى ..حجارة اليأس .. الأمومة .. الذات بكل عاهاتها .. الشتاء .. النهود التي قصدها أن تكون لنا .. الغيوم .. الحواس .. الأحلام .. الشمس كلما تقافزت فوق رؤوسنا كمهرج فاشل .. الخمر جمهورنا الرخيص .. الرأفة .. النجوم على سبيل الحصر .. القمر على سبيل الحسرة .. الحرية دون قصد .. المومسات .. المناعة .. منافينا الوفية رغم ذلك .. شبابيكنا .. أغشية البكارة .. خلسات الصوم عن النميمة ,, الحروف الشريفة .. ظلامنا الهندسي .. الهواء .. همسات المحبين القياسية .. العشم .. التبغ .. صحراؤنا هي الأخرى .. الحشمة .. الصقيع .. كل شبر .. كل سنتيمتر مربع .. :
ببراءة نعرف أننا ضحينا
ضحينا وانتهى الأمر …
أشــرف العــناني
شاعر من مصر