زكريا بن خليفة المحرمي
في ٨ يونيو ١٩٩٢ كمن شابان من الجماعة الإسلامية في أحد شوارع القاهرة للمفكر المصري فرج فودة، وأردياه قتيلا وأصابا ابنه وصديقه بجروح، وبدلًا من رفض الاغتيال ونسبة الجريمة إلى القاتل ظهرت من بعض الرموز الإسلامية أقوالٌ وبياناتٌ تدين الضحيّة وتبرر للجناة. لقد كان هذا الاغتيال وما سبقه من مناظرات حادة وفتاوى تكفير، وما تبعه من مواقف تبريرية للعنف كاشفًا عن موقف العقل الدينيّ في العالم العربي من النقد وأهله؛ إذ تُشير بعض المصادر إلى أنّ الداعية المعروف بالتسامح آنذاك محمد الغزالي برّر في لقاء تلفزيوني قتل فرج فودة لأنه “كان يُعارض قيام دولة دينية بينما قامت إسرائيل على صحائف التلمود”، وهو تبريرٌ كاشف لا عن ضيق مساحة التّسامح عند أصحاب الفكر الديني فحسب؛ ويظهر بجلاء تأثير اللحظة التاريخية بدءًا من الاستعمار الغربي، مرورًا بإقامة كيانٍ دينيٍّ عنصريٍّ على أرض فلسطين، وانتهاء بظهور الصحوة الإسلامية التي تميّزت بسطحية الخطاب ورفض النقد ومعاداة الخطاب المختلف وإثارة العوام والتحفّز واستخدام العنف.
تمثل القاهرة منذ لحظة ما عرف بالنهضة العربية التي ابتدأت بزيارة رفاعة الطهطاوي لباريس في منتصف القرن التاسع عشر الأنموذج الثقافي الطليعيّ في الوطن العربيّ، وقد تجددت تلك المكانة في منتصف القرن العشرين مع ثورة الضبّاط الأحرار وظهور القائد جمال عبد الناصر الذي رفع شعار القومية العربيّة الذي تردد صداه في جميع المدن والقرى والأرياف العربية، وقد كانت القاهرة إلى لحظة اغتيال فرج فودة ما تزال في ذات المكانة الطليعيّة العربيّة فكريا وثقافيّا؛ مما يفصح عن تردي البنية الثقافية العربية ورفضها لفكرة النقد الديني وخضوعها لسلطة الجنود الأحرار وعدم تسامحها مع أقلام المفكرين الأحرار.
الوضع في عمان لم يكن يختلف عن القاهرة، فقد واجه المثقفون في عمان عبر التاريخ ردّات فعلٍ عاصفة من قبل القوى والتيارات المحافظة اتجاه أي فكرة جديدة أو رأي ناقد، فقد واجه الفقيه والمجدد ناصر بن جاعد الخروصي ردّات فعل عنيفةٍ تقترب من التكفير، ذات الأمر واجهه الأديب والشاعر ابن شيخان السالمي حين خالف رأي ابن عمه الفقيه الكبير نور الدين السالمي، وقد استمر هذا الأمر إلى وقت قريب حتى كاد المشهد الثقافي أن يخلو من حالات نقدية جادة؛ لذلك لا نستغرب حين يكتب سلطان الشيباني وهو باحث متخصص في التراث العماني أن يقرر في مقدمة كتابه الأمالي قائلا: “هذه رؤيتي للمشهد الثقافي العماني، وقد يخالفني فيها غيري، لكني أقولها من واقع تجربتي القصيرة مع عالم البحث والكتابة، فالباحث ينتظر زمنا ليظفر بملاحظة تنعش ذهنه، وتحفز نشاطه، وتستثيره لمواصلة البحث وإعادة النظر. والناقد-أو من يريد النقد- قد يستشعر حرجا إن طرق هذا الباب، لأن نظرة الناس إلى النقد قاصرة، ومحصورة في جانبه السلبي فحسب. تلك هي الصورة العامة، وإذا تعلق الأمر بالتراث فالمياه فيه أدوم ركودًا”(1).
لقد كانت مجلةُ الوحي التي نشرتها وزارة الأوقاف العمانية هي أول مجلة إسلامية تصدر في عمان؛ إذ ظهر عددها الأول في الثامن عشر من نوفمبر عام ١٩٧٥، وقد استقطبت المجلّة عددًا كبيرًا من الكتاب الإسلاميين من مختلف الدول العربية، وقد جاء في افتتاحيتها: “وإحساسًا منّا بأهمية الكلمة المقروءة في نطاق نشر الدعوة الإسلامية، ودورها في محاربة الأفكار الهدّامة الواردة إلينا من خلف الحدود ومواجهة الغزو الفكري الذي نتعرض له، كبلد عربي إسلامي عريق مجيد التاريخ يشكل صمّام أمن المنطقة ودرع استقرارها الحقيقي، وسعيًا إلى تعميق القيم والمفاهيم الإسلامية في نفوس مواطنينا وإخوتنا المسلمين على كل صعيد ترتفع للإسلام فوقه راية ويعلو للحق والتوحيد صوت”(2). وهي افتتاحية تكشف بجلاء عن النفسية المحافظة التي كانت تتحكم بالخطاب الديني، وهي مشبعة بثقافة تتوجس من الآراء الجديدة، وتعدّ كل ما خالف المستقر لديها من آراء وعادات وأقوال أفكارًا هدامة وغزوا فكريًّا ينبغي التصدي له ومواجهته باعتبار عمان، وبالنتيجة المؤسسة الدينية فيها حامية للإسلام وصوت التوحيد وممثله الوحيد.
لقد استمرّت هذه الواحدية في الطرح الديني في عمان دون قدرة لأي صوت آخر بالظهور لأمد ليس بالقصير، وقد امتدّت بحسب المفكر الإسلامي العماني خميس العدوي إلى ثلاثة عقود أي إلى عام ٢٠٠٠(3)، بيد أن المدقق في الطرح الديني في عمان سيجد بوادر لطرح مغاير ابتدأ منذ منتصف التسعينيّات، أي مع تخرج الدفعات الأولى لطلبة جامعة السلطان قابوس، وبروز جيل كامل من الشعب العماني ولد في العهد الجديد للسلطان قابوس الذي تولى مقاليد العرش عام ١٩٧٠.
تمثلت البدايات النقدية الأولى في أطروحات شخصيّات دينية محسوبة على المؤسسة الرسمية، وكان الكتاب الأبرز في تلك الفترة هو “قرة العينين في صلاة الجمعة بخطبتين” لسعيد بن مبروك القنوبي الذي كان يعمل موجّها في معهد العلوم الإسلامية، وقد انتقد في كتابه الشخصيات التراثيّة العمانية ابتداء من جابر بن زيد مرورًا بأبي عبيدة مسلم ابن أبي كريمة، والربيع بن حبيب وأبي سعيد الكدمي وخميس بن جاعد الخروصي وسعيد بن خلفان الخليلي وعبدالله بن حميد السالمي، لقد كان هذا الكتاب الجريء في طرحه صادمًا للكثير من الشخصيّات الدينيّة التقليدية المحافظة التي انبرت للتصدّي له والتحذير من جرأته على تدنيس الصورة المقدّسة التي رسمتها للرموز التراثيّة.
ثم أتبع القنوبي عمله ذاك بعدة مؤلفات في نقد التراث الديني الإسلامي العام؛ خاصة الشقّ المرتبط فيه بالرموز الإسلامية الكبرى مثل البخاري ومسلم صاحبي مؤلفات الحديث التي تعتبر في مكانة تقترب من مكانة القرآن الكريم لدى أغلب الشرائح العلمية الدينيّة فضلا عن الشعبية في العالم الإسلامي، بعد القنوبي ظهر ناصر بن سليمان السابعي صاحب كتاب “الخوارج والحقيقة الغائبة” المنشور في نهاية التسعينيّات، وهو يناقش مسألة عدالة الصحابة، ويقدّم أطروحة مغايرة لأحداث ما عرف بالفتنة الكبرى التي ابتدأت بمقتل الخليفة عثمان بن عفان، وانتهت بمقتل الإمام علي بن أبي طالب، والكتاب عبارة عن رسالة ماجستير؛ مما يؤكد بأن بداية مرحلة النقد في الفكر الديني في عمان كانت متزامنة مع تدشين المجتمع الجامعي في عمان وبروز التفكير الأكاديمي المنظم الذي يؤكد على نسبية المعرفة، وتعدد زوايا النظر.
لقد كان عقد التسعينيّات حافلا على المستوى العربي بالكثير من المتغيرات؛ فقد ابتدأ باحتلال العراق للكويت، ومعركة تحرير الكويت التي قادتها الولايات الأمريكية التي تسبّب حضور مجنداتها في الأراضي السعودية، أي في بلاد الحرمين الشريفين ردود فعل صاخبة من التيارات الدينية المتصاعدة في المنطقة، وقد تبع ذلك ظهور تنظيم القاعدة الذي رفع شعار الجهاد المقدس ضدّ الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، وقد عرفت تلك المرحلة لدى بعض النقاد الخليجيين مثل عبدالله الغذامي بفترة “الصحوة الإسلامية”(4).
لقد تميز عقد التسعينيّات بقوة الخطاب الإحيائي الدينيّ، ورفض كل خطاب ناقد، ومحاولة فرض الهوية الإسلامية المتخليّة في الخطاب والسلوك بصخب الحجاج وعنف الحشود، وما حادثة اغتيال فرج فودة إلا أحد نماذج صلف التيّارات الدينية التي دشنت بها مرحلة التسعينيّات، وقد ازداد تأثير وعاظ الخطاب الديني في المجتمع مع وصول بنيامين نتنياهو اليمني المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل وتعطيله لمسار القضية الفلسطينيّة، وقد تعاظم هذا التأثير شعبيا بعد مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة في سبتمبر عام ٢٠٠٠ وانطلاق ما عرف بانتفاضة الأقصى التي عمت جميع الشوارع العربية، وقد بلغ اعتداد التيارات الدينيّة بذاتها وشعورها بالقدرة على الحشد والمواجهة أوجه مع وصول جورج دبليو بوش إلى سدة الرئاسة الأمريكية في يناير عام ٢٠٠١، إلى الدرجة التي تجرأ فيها تنظيم القاعدة بالهجوم الإرهابي على برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك، ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون.
لقد أحدثت عمليات ١١ سبتمبر شرخًا عميقًا في الوجدان العربي والمسلم، فقد كشفت لدى كثير من المنتسبين إلى التيار الإسلامي حجم المفارقة الهائلة بين شعارات العدل والأخلاق والحرية التي ينبغي أن يكون عليها سلوك المؤمن، وبين العنف الذي وصلت إليه خطابات بعض الإسلاميين والتوحّش الذي بلغته ممارساتهم، فابتدأ كثير من شباب الأمة مراجعات جادة لأدوات الخطاب الإسلامي، وباشروا في البحث عن الأصوات الفكريّة النقديّة التي كانت مغمورة في خضم خطاب الصحوة التسطيحيّ الهادر، فرجعوا إلى كتابات نصر حامد أبو زيد وطه جابر العلواني ومحمد حسين فضل الله وعلي شريعتي ومحمد أبو القاسم الحاج حمد وعبد الجواد ياسين ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون وجورج طرابيشي وعبد الكريم سروش وغيرهم من النقاد.
كما ظهرت خطابات نقديّة عميقة داخل مختلف المدارس الإسلامية، ولعل أبرزها مؤلفات تيار القرآنيين مثل أحمد صبحي منصور وسامر الإسلامبولي، بالإضافة إلى ظهور شخصيات نقدية مستقلة لها مؤلفات موسوعية مثل محمد شحرور صاحب كتاب “التفكير والتغيير” وكتاب “الدين والسلطة”، بالإضافة إلى حسن فرحان المالكي وابن قرناس، ومصطفى بوهندي، وعبد الجبار الرفاعي وكمال الحيدري ويحيى محمد، والمفكر اللبناني حيدر حب الله وشخصيات أخرى تميزت بالخطابة والظهور الإعلامي المرئي مثل عدنان إبراهيم، وأخرى اقتصر بروزها على مواقع التواصل الاجتماعية مثل المفكر المصري سامح عسكر.
لقد أثرت حادثة ١١ سبتمبر وتبعاتها بقوة في الضمير العُماني، كما أثّر الحضور الجديد للأطروحات النقدية العربية إيجابيًّا في العقل الديني والثقافي بشكل عام، وظهرت كتابات نقدية عميقة لمناهج التفكير الديني العماني والتفكير الديني العالمي، ولعل أول تلك المؤلفات تمثل في كتاب “قراءة في جدلية الرواية والدراية عند أهل الحديث”، و”الصراع الأبدي”، و”قراءة حضارية في نعيم الجنة” لزكريا المحرمي، وكتاب “أشراط الساعة” لخالد الوهيبي، وكتاب “الإيمان بين الغيب والخرافة” لخميس العدوي وخالد الوهيبي، وكتاب “السنة الوحي والحكمة” المشترك بين الكتاب الثلاثة السابقين، وكتاب “القرآن قرآن” لمبارك الشعبني.
كأي تيار حديث واجه التيار النقدي الديني العماني الناشئ ردّات فعل متحفّظة من التيار الديني التقليدي، ومع ازدياد وتيرة الطرح النقدي للتيار الجديد تصاعدت حدة ردات الفعل، إلى أن وصلت لحظة الانفجار في ديسمبر من عام ٢٠٠٧ حين ألقى سماحة المفتي العام للسلطنة محاضرة حاشدة في مسجد جامعة السلطان قابوس للتحذير مما أسماه “العقلانية” المتصاعدة، ثم أتبع تلك المحاضرة بسلسلة من المحاضرات واللقاءات التلفزيونية التي خصصت في الرد على أفكار النقاد الجدد “العقلانيين”، ثم ختم تلك السلسلة بإخراج كتاب “العقل بين جماح الطبع وترويض الشرع” الذي حوى كل ما قيل في تلك المحاضرات واللقاءات.
بيد أن الاتجاه النقدي العماني الجديد لم ينحسر ولم يتراجع؛ بل استمر في رفد المكتبة العمانية بالمزيد من المؤلفات للكتاب السابقين، وفي حالة أشبه بسريان النور انتقلت جذوة التفكير النقدي إلى كتاب جدد تميزوا بالسيولة الكتابية، والقدرة على مخاطبة شريحة أوسع من القراء العاديين بسبب بساطة لغتهم وابتعاد عباراتهم عن الغموض وأفكارهم عن التعقيد مثل الكاتب أحمد النوفلي صاحب ثلاثية “أقانيم اللامعقول”، وبدر العبري صاحب كتاب “فقه التطرف” وغيره.
مع بدايات الربيع العربي برز جيل آخر من الكتاب الذين أضافوا إلى القراءات النقديّة للخطاب الديني بعدا فلسفيا عميقا لا يقف عند حدود تأويل النص الديني بل إلى مساءلة مصدره، مثل الكاتب علي بن سليمان الرواحي في كتابه “الأصولية والعقلانية: دراسات في الخطاب الديني العماني”، والباحث سعود الزدجالي في كتابه “دراسات تداولية في أصول الفقه”، وكتابه “تبرير السياسة بالدين عند السالمي”، ومحمد العجمي في كتاب “أوراق فلسفية”، وبسام الكلباني في كتاب “فصام الأديان”، بالإضافة إلى أحمد الإسماعيلي في سلسلة مقالاته التي ينشرها في مجلة “شرق غرب “وغيرها.
لا شك أن للإنترنت ومواقع الحوار ومنصات التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في بروز الأسماء النقدية في الفكر الديني في عمان، حيث ساهمت في توفير المصادر والمراجع، ومخض الأفكار وصقل الآراء، كما أن أغلب الأسماء النقدية التي برزت في الألفية الجديدة إن لم يكن جميعها، كان لتلك المواقع أثرٌ في بروزها وصقل مهاراتها الكتابية والحوارية وانتشار أفكارها، وهي اليوم توفر الفضاء الأوسع الذي تتواصل فيه هذه الأسماء مع غيرها من القامات النقديّة في العالم، كما توفر الميدان الذي تتواصل فيه مع الجيل الجديد من القراء الذين نشأوا في عالم تسوده النظرة النسبية ويتطلع إلى التعددية.
إن المستقبل في عمان والعالم العربي هو للأصوات النقدية؛ فالعالم بأجمعه يتّجه نحو التعدّدية، وهناك موجة متعاظمة في جميع أنحاء المعمورة تدفع نحو ما يسمى بالكزموبلوتنيزم أو المجتمع الكوني الذي يحوي جميع الأعراق ويحتضن جميع الأديان ويقبل جميع الأفكار والتوجهات سواء أكانت عقدية أو جندرية، ولعل السقوط المدوي لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يمثل سقوط آخر أصنام الفكر المحافظ، وأن التيارات اليمينيّة في العالم التي وصلت ذروتها مع ولاية دونالد ترامب ستبدأ في الانحسار بعد تمددها السرطاني منذ ثمانينيّات القرن الماضي.
ذات الأمر يحدث في العالم العربي حيث ابتدأ السقوط المدوي للشخصيات الكارزمية مثل صدام حسين والقذافي ومحمد حسني مبارك وعلي عبد الله صالح وحسن البشير، وتشظّي المرجعيات الدينية نتيجة غياب الشخصيات الدينية القويّة بسبب الوفاة مثل الخميني وابن باز والغزالي أو بسبب الشيخوخة والمرض مثل القرضاوي والسستاني، وقد تم استبدال تلك الشخصيات القويّة والمرجعيات الصلبة بطيفٍ متعدد من الشخصيات التي لا يشعر معها الوعي الجمعي العربي والإسلامي بالرهبة، ولا يخشى على نفسه من مواجهتها وإبداء الرأي المخالف لها ومعارضتها.
ذات الأمر يحدث رويدا رويدا في عمان، فهناك سلطان جديد قادم من خلفية ثقافية منفتحة على الآراء الجديدة، وقد استهلّ عهده بتغييرات مكّنت شخصيات ثقافية في الإعلام والتراث، وقلد ابنه وزارة الثقافة؛ الأمر الذي يكشف ارتباطا وجدانيا ممتدًّا عبر الأجيال وعزما على تحقيق نهضة ثقافية جديدة؛ ربما لم تكن الظروف تسمح بها في العهد السابق، كما أن هناك وعيًا جديدًا آخذًا بالتشكل في بنية العقل العماني، وعي يؤمن بالتعددية ويقدس الحرية ويرفض احتكار الرأي، كما أن الشخصيات الدينية المحافظة ابتدأت في التعدد، والآراء حول القضايا المستجدة والحوادث أخذت في الابتعاد عن مركزية شخصيات بعينها؛ لذلك فإنه من غير المستبعد أن نرى في السنوات العشر القادمة داخل التيار الديني الذي يبدو صلبا حاليا والرافض للقراءات النقدية وغير القابل للرأي المختلف أن نرى فيه تيارات نقدية عميقة تفكك أصوله وتعيد بناء فصوله، فنحن على أعتاب لحظة حضارية جديدة، ستكون السيادة فيها للفكر والعقل، وسيكون شعارها الحرية والتعددية وإعادة الاعتبار للإنسان.